وأوضح الله لنا خلق آدم بقوله:
{وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ صَلْصَالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ، فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ} [الحجر: 15/ 28-29] .
وهكذا لفت القرآن نظر الإنسان إلى حقارة ذلك الماء الذي خلقه منه في رحم أمه، {مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ} [السجدة: 32/ 8] {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ، يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: 86/ 6-7] {أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ} [يس: 36/ 77] ليندد بغطرسة الإنسان، ويهذب كبرياءه، فيجعله متواضعا واقعيا في حياته، ثم بين له عناية الله به في ظلمات الرحم، حينما أنشأه جنينا، ورباه حتى أتم خلقه: {يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} [الزمر: 39/ 6] .
{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ طِينٍ، ثُمَّ جَعَلْنَاهُ نُطْفَةً فِي قَرَارٍ مَكِينٍ، ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْمًا ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقًا آَخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ} [المؤمنون: 23/ 12-14] .
وذلك ليثير عنده عاطفة العرفان بالجميل، والشكر للخالق، والخشوع لله، فكان من نتيجة هذه التربية القرآنية، دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم في السجود:
"سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، فتبارك الله أحسن الخالقين" أخرجه مسلم1.
وفي رواية: "اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت، سجد وجهي للذي خلقه وصوره، وشق سمعه وبصره، تبارك الله أحسن الخالقين".
2- الإنسان مخلوق مكرم:
وفي مقابل ذلك كله، بين الإسلام للنوع البشري، أنه ليس من الذلة والمهانة والابتذال، في درجة يتساوى فيها مع الحيوان والجماد، وسائر المخلوقات، فقال تعالى: