إن المصائب التي تنزل بالمجتمع الإنساني عامة، والكوارث التي تصيب المجتمعات الإسلامية، وظلم الإنسان للإنسان، واحتكار الدول القوية لخيرات الأمم الضعيفة، كل ذلك نتيجة لسوء تربية الإنسان، والانحراف به عن ابتغاء كماله، وعن فطرته، وطبيعته الإنسانية.
ولما كان الإسلام هو المنهج الرباني المتكامل، المواتي لفطرة الإنسان، والذي أنزل الله لصياغة الشخصية الإنسانية صياغة متزنة متكاملة، ليجعل منها خير نموذج على الأرض، يحقق العدالة الإلهية في المجتمع الإنساني، ويستخدم ما سخر الله له من قوى الطبيعة، استخداما نيرا متزنا، لا شطط فيه ولا غرور، ولا أثرة ولا استئثار، ولا ذل ولا خضوع، ولما كنا قد رأينا كيف أخفقت الجهود التربوية، والمدارس التربوية الحديثة، والفلسفات التربوية الغربية، في إنقاذ الطفولة، والإنسانية من ظلم القرون الأوروبية الوسطى، وظلامها في أوروبا، بل نقلتها من الظلم، والظلام إلى الدمار والضياع، وإلى الميوعة والاضمحلال، فكانت البشرية في ذلك "كالمستجير من الرمضاء بالنار".
لما كان ذلك كله وجدنا، بعد الاستقصاء، والبحث والتمحيص، أن التربية الإسلامية أصبحت ضرورة حتمية، وقضية إنسانية.
أ- لتخليص الطفولة في البشرية عموما من التهديد، والضياع بين شهوات الآباء والأمهات، وتهافتهم على المادة، وبين النظم المادية غير الإنسانية، وبين الإباحة والتدليل والميوعة1.
ب- لإنقاذ الطفولة في الشعوب النامية، والضعيفة من الخنوع والذل، وويلات الجوع، والاستسلام لطغيان الظلم والاستبداد.
وذلك بما تغرسه التربية الإسلامية في الإنسان من العزة، والشعور بالكرامة، بل الاستماتة في سبيلها، مهما أحاطت به الشدائد، أو أذهلته عنها المغريات.
{وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [المنافقون: 63/ 8] .