الإسلام شريعة الله للبشر، أنزلها لهم ليحققوا عبادته في الأرض، وإن العمل بهذه الشريعة ليقتضي تطوير الإنسان وتهذيبه، حتى يصلح لحمل هذه الأمانة، وتحقيق هذه الخلافة، وهذا التطوير والتهذيب هو التربية الإسلامية: {إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب: 23/ 72] .
فلا تحقيق لشريعة الإسلام إلا بتربية النفس، والجيل والمجتمع، على الإيمان بالله ومراقبته والخضوع له وحده، ومن هنا كانت التربية الإسلامية فريضة في أعناق جميع الآباء والمعلمين، وأمانة يحملها الجيل للجيل الذي بعده، ويؤديها المربون للناشئين، وكان الويل لمن يخون هذه الأمانة، أو ينحرف بها عن هدفها أو يسيء تفسيرها، أو يغير محتواها.
إنها تربية الإنسان على أن يحكم شريعة الله في جميع أعماله، وتصرفاته ثم لا يجد حرجا فيما حكم الله ورسوله، بل ينقاد مطيعا لأمر الله ورسوله، قال تعالى:
{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} [النساء: 4/ 65] .
والإنسان معرض للشر، والخسران لا ينقذه منهما إلا الإيمان بالله واليوم الآخر، والعمل الصالح، والتعاون، والتواصي بالحق، والتواصي بالصبر على إحقاق الحق ومحاربة الباطل، قال الله تعالى:
{وَالْعَصْرِ، إِنَّ الإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ، إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} [العصر: 103/ 1-3] .
وفي هذه السورة إشارة إلى أن خلاص الإنسان من الخسران، والعذاب لا يتم إلا بثلاثة ضروب من التربية:
أ- تربية الفرد على الإيمان بالله والاستسلام لشريعته، والإيمان بالغيب.
ب- تربية النفس على الأعمال الصالحة، وعلى منهج الحياة الإسلامية، في الحياة اليومية، والمواسم السنوية والتصرفات المالية، وجميع شئون الدنيا.
ج- تربية المجتمع على التواصي بالحق للعمل به، والتواصي على الشدائد، وعلى عبادة الله، وعلى التزام الحق.