يحصل التناسف والتكامل التربوي الرائع الذي كان عليه أصحاب رسول الله، ومن تبعهم بإحسان ووعي وبصيرة.

فإن ما ظهر للباحث المنصف أن التربية الإسلامية يمكن أن توصف بأنها تربية محورية، بهذا المعنى الذي شرحناه، على أن يكون "المحور الأساسي" هو "إخلاص العبودية لله"، وهذا المحور يمكن أن تدور عليه جميع المواد الدراسية، والعملية كما حصل في صدر الإسلام.

فتعلم القراءة والكتابة، واللغة وسائر علومها إنما يهيئ الناشئين لطاعة الله، وذلك بتفهم كلامه الذي أنزله لنعمل به، وكلام رسوله الذي أرسله ليطاع بإذنه، ومن هذا الأصل الأخير تنبع علوم الحديث والفقه.

والعلوم الكونية إنما ندرسها لنستفيد مما سخر الله لنا في البر والبحر، والجو من قوى ورياح ومياه، وزراعة ومعادن، ونشكر الله على ذلك ونسبحه مستشعرين عظمته، كما أمرنا كتابه.

والعلوم الاجتماعية تدلنا على سنن الله في الأمم والمجتمعات، وتربطنا بأمتنا الإسلامية، وتشعرنا بالولاء لله، ولدينه ولرسوله.

فإذا توارت كل الثقافات والعلوم على هذا الهدف العظيم، توحدت المجتمعات الإسلامية في مجتمع واحد، واستقامت نفس كل ناشئ مسلم، واتحدت نوازعها ومشاربها وتصوراتها، لصدورها عن أصل واحد، وخضوعها لهدف واحد: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلًا فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 39/ 29] ، وتفيد الآية هنا أن التربية الوثنية الجاهلية، إذ تجعل نفس الناشئ نهبا بين الأهواء والنوازع المختلفة، ليست كالتربية الإسلامية الموحدة للنوازع، والأهداف والأفكار، حيث توجهها جميعا نحو عبادة الله وطاعته.

د- أما دور النشاط المنهجي، أو منهج النشاط في التربية الإسلامية، فقد بسطنا القول عن النشاط في البحث السابق، عندما تحدثنا عن النشاط المدرسي على أنه واسطة من وسائط التربية الإسلامية، بيد أن تجميع المعلومات لدراستها على مدى العام على شكل نشاطات، لا بد من ترابط أو تسلسل، أو استقطاب محوري، لئلا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015