وحسب، وإنما غايته تربية الأنامل المتقنة لبعض الصناعات الدقيقة، وإيصال المعاني السامية، عن طريق الخطوط الجميلة، والمناظر الخلابة الخالية من المحرمات، إلى الأذواق والعقول، لدلالتها على عظمة الله وضرورة الخضوع له، والشعور بما وهبنا من تذوق للجمال.
أما أن يصبح اللعب هدفا لذاته، والرسم غاية لذاتها، فهذا يؤدي إلى الانشغال بالوسائل عن الأهدف، ويصبح مثلنا كمثل إنسان أراد أن يركب طائرة لتوصله إلى مكة لأداء فريضة الحج، فأعجب بهيكل الطائرة وآلاتها، واستمتع بمكيفاتها وصورها المتحركة، ثم انتقل إلى طائرة أخرى، وثالثة حتى قرر أن يصبح طيارا، ونسي هدفه الأول، وهو الحج.
هذا هو مثل الذي تلهيه ألعاب الرياضة، عن الاستعداد الحربي أو عن إعداد القوة للأعداء، وعن الصلاة ومراقبة الله.
أو يلهيه الجدل وابتغاء البراعة الأدبية والشعرية، عن الاستعداد لفهم الإسلام، أو
عن تذوق إعجاز القرآن.
أو الذي يشغله النادي، أو مجموعة الأنداد، والأتراب عن تمتين العلاقات الإسلامية، والارتباط بالمجتمع المسلم الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، فإذا استمر في ألعاب القوى والرياضة، دونما هدف أسمى يحققه من وراء القوة، أصبح كبيرا في جسمه، صغيرا في عقله، قاصرا حياته على طلب القوة الكاذبة، والبطولة الزائفة، التي لا تنصر حقا ولا تبعد أذى، ولا تبطل باطلًا: لا هم له إلا المظاهر الجوفاء، زاعمًا أن يهوى "الفن للفن" و"العلم للعلم".
3- النشاط التربوي في فجر الإسلام:
على أننا لو تتبعنا التربية الإسلامية منذ فجر بزوغها، لوجدنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يعلم الصحابة من خلال مواقف من الحياة، ففي إحدى الغزوات نزلت آية التيمم، وتعلم الصحابة التيمم وطبقوه"1.