ثانيا: مفهوم التربية

إذا رجعنا إلى معاجم اللغة العربية، وجدنا لكلمة التربية أصولا لغوية ثلاثة:

الأصل الأول: ربا يربو بمعنى زاد ونما، وفي هذا المعنى نزل قوله تعالى: {وَمَا آَتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} [الروم: 30/ 39] .

الأصل الثاني: ربى يربى على وزن خفي يخفى، ومعناها: نشأ وترعرع.

وعليه قول ابن الأعرابي:

فمن يك سائلا عني فإني ... بمكة منزلي وبها ربيت

الأصل الثالث: رب يرب بوزن مد يمد بمعنى أصلحه، وتولى أمره، وساسه وقام عليه ورعاه، ومن هذا المعنى قول حسان بن ثابت كما أورده ابن منظور في لسان العرب:

ولأنت أحسن إذ برزت لنا ... يوم الخروج بساحة القصر

من درة بيضاء صافية ... مما تربب حائر البحر

وقال: يعني الدرة التي يربيها في الصدف، وبين: بأن معنى: تربب حائر البحر: أي مما ترببه، أي رباه مجتمع الماء في البحر.

قال: ورببت الأمر أربه ربا، وربابا: أصلحته ومتنته.

وقد اشتق بعض الباحثين من هذه الأصول اللغوية تعريفًا للتربية، قال الإمام الببيضاوي "المتوفى685هـ" في تفسيره "أنوار التنزيل وأسرار التأويل":

"الرب في الأصل بمعنى التربية، وهي تبليغ الشيء إلى كماله شيئا فشيئا، ثم وصف به تعالى للمبالغة".

وفي كتاب مفردات الراغب الأصفهاني "المتوفى502هـ": "الرب في الأصل التربية، وهو إنشاء الشيء حالا فحالا إلى حد التمام".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015