3- المدارس في العصر العباسي المتأخر:

فلما استقلت الدويلات عن الخلافة العباسية، بدأ بعضها يبني مدارس للعلم كل مدرسة تؤوي عشرات من طلاب العلم، وكان نظام هذه المدارس داخليا يقوم على الانقطاع لطلب العلم، فكان في دمشق وحدها، مثلًا، زهاء ثلاث مئة مدرسة في سفح جبل قاسيون ما تزال آثار كثير منها على شكل قباب تشرف على بعض الحدائق العامة، هذا عدا عن المدارس التي كانت في قلب المدينة، كالمدرسة الظاهرية التي بناها الملك الظاهر، والمدرسة النووية التي بناها نور الدين الزنكي، وبقي التعليم في هذه المدارس حرا لا مركزيا من حيث المناهج، والكتب والأساليب، مع ارتباطها ماليا بالدولة التي تجري لها الجرايات، وتخصص لها الأوقاف، والهبات دون أن تقيدها نظام معين، أو مناهج محدودة، ثقة منها بالعلماء الأفذاذ الذين كانوا يديرونها، ويغذونها بالعلم.

وبقي الأمر كذلك زهاء عشرة قرون حتى جاء الاستعمار الغربي إلى بلادنا، فعم فيها نظام المدرسة الموحدة، والتعليم المركزي التابع لمركز العاصمة في البلاد، وللمستشارين الأجانب في الأقطار التي استعمرت عسكريا، ويرى علماء التربية أن لهذه المدرسة مهمات تربوية وجدت من أجل أدائها تذكر فيما يلي أهمها مع مناقشتها من وجهة النظر التربية الإسلامية:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015