الأندلس، وأسعدهم حظًا، وأطولهم فترة حكم، كما حكى لسان الدين بن الخطيب.

لزم ابن عبد ربه قرطبة طوال حياته، ونهل من علوم الشرق التي زحفت إلى الأندلس، عن طريق استقدام الأدباء والعلماء إليها، ثم أصيب في أواخر حياته بمرض الفالج، كما أصيب الجاحظ من قبله بهذا المرض.

وتوفي ابن عبد ربه بقرطبة سنة ثلاثمائة وثمان وعشرين للهجرة. يقول عنه الثعالبي صاحب (يتيمة الدهر): "إنه أحد محاسن الأندلس علمًا وفضلا وأدبًا ومثلًا، وشعره في نهاية الجزالة والحلاوة، وعليه رونق البلاغة والطلاوة".

أما محتوى الكتاب ومنهج المؤلف فيه؛ فقد بدأ ابن عبد ربه كتابه بمقدمة وضح فيها مضمون الكتاب، والمنهج الذي سلكه؛ أما عن المحتوى فيقول: "وقد ألفت هذا الكتاب، وتخيرت جواهره من متخير جواهر الآداب، ومحصول جوامع البيان، فكان جوهر الجوهر ولباب الألباب، وإنما لي فيه تأليف الأخبار، وفضل الاختيار، وحسن الاختصار، وما سواه -يقصد المعلومات- فمأخوذ من أفواه العلماء، ومأثور عن الحكماء والأدباء، واختيار الكلام أصعب من تأليفه". هذا حق.

ويقول في موضع آخر في بيان المحتوى: "وقد نظرت في بعض الكتب الموضوعة، فوجدتها غير متصرفة في فنون الأخبار، ولا جامعة لجمل الآثار، فجعلت هذا الكتاب كافيًا شافيًا، جامعًا لأكثر المعاني التي تجري على أفواه العامة والخاصة، وتدور على ألسنة الملوك والسوقة، وحليت كل كتاب منها بشواهد من الشعر، تجانس الأخبار في معانيها، وتوافقها في مذاهبها؛ ليعلم الناظر في كتابنا هذا أن لمغربنا على قاصيته، وبلدنا على انقطاعه حظًا من المنظوم والمنثور".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015