أما عن شروح (المفضليات) فقد حظيت بالكثير من الشروح، ولا شك في أن صحة رواية المفضل الضبي، وثقة العلماء في ذوقه وعلمه وأمانته، ثم مكانته التي تبوأها بينهم؛ لا شك في أن ذلك كله وغيره -مما يتصف به الرجل من صفات حسنة- جعل الشراح يقبلون على مختاراته شرحًا وتأملا وتذوقًا، فقد شرحها أبو محمد القاسم بن الأنباري، كما شرحها أبو جعفر أحمد بن محمد النحوي المصري، المعروف بابن النحاس، وشرحها أيضًا أبو علي أحمد بن محمد المرزوقي، وأبو زكريا التبريزي، وأبو الفضل الميداني، وطبعت هذه الشروح أكثر من مرة، واشترك في تصحيحها والتعليق عليها عدد من العلماء.
ومن أشهر طبعاتها الطبعة التي قام فيها الأستاذان: أحمد محمد شاكر، وعبد السلام هارون بتحقيقها في جزأين، سنة ألف وتسعمائة وثنتين وأربعين للميلاد. ثم طبعة أخرى وهي من الأهمية بمكان أيضًا، وهي طبعة دار نهضة مصر سنة ألف وتسعمائة وسبع وسبعين للميلاد، بشرح التبريزي، والتي قام بتحقيقها الأستاذ محمد البيجاوي في أربعة أجزاء.
أما القيمة العلمية والأدبية لـ (المفضليات) فإنها تعد أقدم مجموعة شعرية، قامت على منهج الاختيار المجرد لنماذج من الشعر العربي، هذه حقيقة، (المفضليات) هي أول كتاب يؤلف في اتجاه الاختيار الأدبي المجرد، أما قبل أن يؤلف المفضل الضبي هذه (المفضليات) كان الرواة يشغلون بجمع أشعار القبائل، ويتنازعون حول أفخر بيت أو أهجى بيت أو أغزل بيت وهكذا.
ولكن فكرة هذا الاختيار المجرد لشعراء متعددين لا ينتمون إلى بيئة واحدة، ولا إلى قبيلة واحدة، هذه الفكرة طرأت أولا على ذهن المفضل الضبي، وهو يعلم المهدي، والتي وضعها في اختياراته التي سميت بعد ذلك بـ (المفضليات)، اللهم إلا ما كان من حماد الراوية، الذي قام باختيار المعلقات وجمعها في كتاب