من هذه الجوانب مثلًا معرفة عصر المخطوط إن كانت قد خلت من ذكر تاريخ النسخ، أو الكشف عن قيمته من خلال معرفة العلماء المشهود لهم بالكفاءة والتفوق ممن تملكوها، أو أجازوا روايتها لتلاميذهم، أو قرءوها وعلقوا عليها، كل هذه أشياء مهمة لا ينبغي للباحث المحقق أن يغفل عنها بأي حال من الأحوال عند إخراج المخطوط، كما ينبغي للباحث أيضًا أن يكشف عن إملاء النسخة وخصائصها التي تنفرد بها، ويحكم هل هي صحيحة، أو مغلوطة، أو متوسطة، ويقدر قيمتها، وهل الكتابة، واضحة، أو مطموسة، وهل النسخة سليمة، أو ممزقة، أو فيها خرم، هل هي كاملة أو ناقصة، وإن كان فيها نقص فأين هو، في أولها، في آخرها، في أوسطها؟ لا بد للباحث المحقق أن يحدد ذلك، وهو يصف النسخة.

ثم يصف الورق والتجليد وعدد الأوراق، ومقاس المخطوطة من خارج الغلاف طولًا وعرضًا، والسطور، ومتوسط عدد الكلمات في السطر الواحد، كما ينبغي أن توصف خاتمة المخطوط، ويشير إلى ما فيها من تاريخ للنسخ، وإجازات، وسماعات إن وجد، ويستحسن أن يقرن الباحث ذلك كله بتقديم نماذج مصورة لبعض صفحاتها، ويفضل أن يكون من بين هذه الصفحات المصورة صفحة العنوان، والصفحة الأولى، والصفحة الأخيرة؛ لأنها أدق الصفحات في التعبير عن تقدير المخطوطات. ومن الأفضل ألا يقدم الباحث على ذلك ويقدمه إلى المطبعة إلا بعد الفراغ من طبع نص الكتاب، حتى يتمكن من إتمام دراسته في ضوء النسخة الأخيرة التي تخرجها المطبعة، كما أنه قد يشير في التقديم للنص أو المتن إلى صفحة في الكتاب، فتكون الإشارة في موضعها، ويجب ألا يدع المحقق مجالًا للشك فيما هو موجود في النسخة أو النسخ، وأن يقابلها بعناية تامة، ويبين بلفظ صريح ما ذهب إليه عند اختلاف النسخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015