هنا فإنهم يحرفون الكلمة الأصلية ظنا منهم أنها خاطئة، وهذا باب واسع في التصحيف والتحريف وأمثلته كثيرة جدا؛ منها عبارة تتردد كثيرا في الترجمة للأعلام وهي: أنه احتضر سنة كذا في سياق الحديث عن موت المترجم له، وهو في سن الشباب، وهي خطأ والصواب اخْتُدر سنة كذا، يقال: اختدر الشاب أي: مات فَتِيًّا كأنه أُخِذَ طريا غضا، ويدخل تحت هذا السبب الجهل بأنماط التعبير عند القدماء، الجهل بسياق الكلام، وهو مدعاة للتصحيح، وليتجنب المحقق مثل هذا حتى لا يكون حاله كحالهم.

هناك سبب ثامن وهو: الجهل بمصطلحات العلوم، قد يكون ناسخ ينسخ كتابا، وهو لا فكرة عنده بهذا العلم، ولا يدري معنى مصطلحات هذا العلم فيسجل أشياء خاطئة، ومثال ذلك عبارات تتردد كثيرا في مجال الترجمة للأعلام، وصارت كالمصطلح هي: فَقَد سُمعته في بلد كذا، العبارة بهذا الضبط فيها تصحيف، الصحيح فيها وفَقد أَسْمِعَتَه أي: سماعاته ومروياته التي حصلها من شيوخه في ذلك البلد، والأسمعة جمع سماع. سبب آخر من أسباب الوقوع في التصحيف أيضا والتحريف: الجهل بأسماء البلدان. نضرب مثلا لذلك بعبارة وردت في بعض الكتب تقول هذه العبارة: وعلي بن عثمان بن محمد بن الشمس لؤلؤ، وأخته زينب بقراءتي عليهما ببيت لها من غُوطَة دمشق. فقوله: ببيت لها، تصحيف واضح والصواب: ببيت لِهْيا، وبيت لهيا: قرية مشهورة بغوطة دمشق. كثيرا ما يقع المحققون في مثل هذه التصحيفات نتيجة جهلهم بأسماء البلدان.

ومن ذلك قول ابن أحمر: "لو كنت بالطَّبْسَيْن أو بالآلة أو بَرْبَعِيص مع الجنان الأسود"، علق أحد المحققين قائلا: الآلة اسم موضع لم أجد لها ذكرا إلا هنا، والحقيقة أن هذا تصحيف واضح ناتج عن جهل المحقق بأسماء البلدان والصواب: أُلَالة بوزن حُثَالة وهو موضع بالشام ذكره ياقوت في (معجم البلدان).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015