أنظر"، بهذا يستقيم السياق وتطمئن العبارة، فلينتبه المحقق إلى مثل هذا الاضطراب، وليتأكد من سلامة العبارة واتصالها قبل أن يحكم بالخطأ على المؤلف أو الناسخ.

وقد تنبه العلماء في القديم إلى خطورة ظاهرة التصحيف والتحريف، انطلاقا من دقتهم وأمانتهم في الحفاظ على النص يقول الزمخشري: "التصحيف قفل ضل مفتاحه، ومن أجل ذلك اصطنعوا وسائل شتى لصون الكلام منه والتغلب عليه"، ومن هذه الوسائل التي لجأ إليها العلماء القدماء لحفظ الكلام وصونه من التصحيف؛ أولا: ضرورة التقييد والضبط والإعجام، والإعجام هو إزالة إبهام الكتابة بالنقط والتشكيل، يقول الأوزاعي: "نور الكتاب إعجامه". ولهم في الضبط طريقتان؛ الأولى: كانوا يضبطون حروف الكلمة بأن توضع الفتحة أو الضمة أو الكسرة على الحرف نفسه، وأمعن بعضهم في الدقة فرسم تحت الحاء حاء صغيرة، وتحت الدال نقطة، وتحت السين المهملة ثلاث نقاط، وفوق الحرف المخفف كلمة خف، وغير ذلك من مصطلحات استخدموها في مخطوطاتهم.

الطريقة الثانية من طرق الضبط: الضبط بالحرف؛ بأن يصف الكاتب حروف الكلمة التي هي مظنة التصحيف، بما يزيل أو يبعد عنها شبهة التصحيف في ضبط كلمة العتب يكتب الكلمة، ثم يقول: بالعين المهملة والتاء الفوقية والباء الموحدة، وبذلك لا يلحق الكلمة تصحيف على الإطلاق. ومن تلك الوسائل الوقائية التي لجأ إليها هؤلاء العلماء لتجنب التصحيف والتحريف: أنهم كانوا يشرحون الكلمة الواضحة الظاهرة لا لخفاء معناها، ولكن لأنها مظنة تصحيف.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015