الأمر الثاني: قد يكون العيب في النص ذاته، كأن يكون فيه خطأ أو وقع فيه تصحيف أو تحريف أو أصابه خرم أو سقط، أو أي شيء من هذا القبيل، أي صورة من صور الفساد.
المحقق المنصف هو الذي يتهم نفسه أولا قبل أن يتهم النص الذي أمامه بالخطأ، فإذا ما وقع المحقق على شيء ورآه من وجهة نظره خطأ، أو صعب عليه أن يفهمه، لا يتسرع في الحكم عليه قبل أن يبحث عن صحة التركيب في كتب اللغة، وقبل أن يتعرف على أنماط التعبير في الأساليب القديمة، فإن الجهل بالأساليب القديمة ينعكس أثره على معالجة النصوص، لا شك في هذا، فليحذر الباحث المحقق من تغيير شيء لا يفهمه، أو الحكم على شيء بالخطأ إلا بعد التثبت بالدليل القاطع. وليس كل نص يراه المحقق صعبا غير مفهوم يعد مغلوطا، فقد يحدث في بعض الأحيان أن يغير النُسَّاخ بعض العبارات الصعبة غير المفهومة بعبارات سهلة مفهومة، وعند المقابلة يظن المحقق أن النسخة ذات العبارات الصعبة مغلوطة، وهذا غير صحيح فإن كثيرا ما يختبئ الصحيح فيما مظهره غير مفهوم، وعلينا إذًا أن نستخرجه ولا نكتفي بتغيير النُسَّاخ، ولا يصح أن ننسب الخطأ في متن المخطوط إلى المؤلف إلا إذا قامت الأدلة على ذلك، كاتفاق النسخ التي لم ينقل بعضها عن بعض على هذا الخطأ، أو اضطرد مثلا وقوع الخطأ نفسه في مواضع مختلفة من الكتاب.
أما إذا وجدنا النسخ غير متفقة في الخطأ كان هناك احتمالان: