الأموي، ومنهم من كان يختار شعراء من العصر الجاهلي فقط، ومنهم من كان يختار شعراء من صدر الإسلام فقط، وهكذا.
فمثلا عندنا المفضل الضبي وعندنا الأصمعي صرفوا عنايتهم إلى اختيار مجموعة من الأعصر المختلفة، والبيئات المختلفة، والاتجاهات الفنية المختلفة، لما نقرأ كتاب (الأصمعيات) نجد فيه مجموعة من الاختيارات المجردة لا تندرج كلها تحت فن أدبي واحد أو اتجاه فني واحد أو بيئة واحدة أو عصر واحد، وإنما تنوعت كل هذه الأشياء، وكذلك فعل المفضل الضبي في (المفضليات)، ومنهم من صرف جل عنايته نحو قبيلة بعينها، فيجمع شعرها بأي طريقة من الطرق، فرأينا مثلا السكري اهتم بجمع شعر قبيلة بني هذيل، ومنهم من اتجه نحو مجموعة من القصائد، كانت تتصف بصفة لا تتصف بها قصائد غيرها وعدها أفضل من غيرها وجمعها في ديوان كما صنع حماد الراوية عندما جمع المعلقات من مصادرها الأصلية.
ومنهم من نظر إلى أبواب الشعر، هو يختار مجموعة من القصائد لا يشرحها، ولا يدرسها ولا يعلق عليها، وأحيانًا كان يذكر القصيدة دون قال الشاعر فقط لا غير، ليس له هدف ولا غاية إلا جمع وتسجيل وتدوين هذه المختارات الشعرية، فبعضهم كان ينظر إلى الغرض الشعري، وكان يجمع مجموعة من الأشعار، ويختار هذا الفن ويجعله عنوانا لكتابه كما وجدنا مثلا الحماسات، حماسة أبي تمام وحماسة البحتري وهكذا، ومع اختلاف طريقة كل واحد منهم إلا أنها جميعًا تندرج تحت اتجاه واحد يطلق عليه اتجاه الاختيارات الأدبية المجردة.
وتعد هذه المختارات في الحقيقة مصدرًا مهمًا من مصادر الشعر العربي لابد لكل باحث في هذا المجال من الرجوع إليها، وليس الشعر العربي فحسب ولكن تعد مصدرًا من مصادر الدراسات الأدبية، فكل دارس للأدب، وكل دارس للشعر ينبغي له أن ينظر في هذه جيدا ويتأملها ولا تفوته، والحقيقة تتميز هذه المختارات