أولى هذه الخطوات: يقوم الباحث أولا بنسخ نص النسخة الأم بخطه مهما كانت منزلتها عنده، ينسخها نسخا حرفيا، لا يتدخل بالتصحيح أو التعليق، لا تظهر شخصيته هنا بأي شكل من الأشكال، هو مجرد ناسخ، وإنما تكون مهمته في هذه الخطوة هو نقل رسم المتن في كراسته، يكتب النص على وجه، ويترك الوجه الآخر للورقة ليكون هذا الوجه حاشية له بعد ذلك. عليه أن يترك سطرا فارغا بين السطرين، والباحث المحقق سيمر في هذه المرحلة بكلمات كثيرة لا يعرف قراءتها، أو يشك في تلك القراءة عليه أن يكتبها كما هي، وقد يمر بسطور جانبية كثيرة ينبغي أن يجتهد في معرفة مكانها الحقيقي من النص الأصلي، ويكفيه في هذه المرحلة قليل من الجهد؛ لأن اجتهاده في معرفة أصل الكلمة مثلا، أو مكان السطر الجانبي ليس اجتهادا نهائيا، وعليه أن يضع هذه الأسطر بين قوسين؛ ليعطيها المزيد من اهتمامه وملاحظاته بعد ذلك حتى تحتل مكانها الصحيح الذي أراده المؤلف.
الخطوة الثانية: بعد انتهاء عملية نسخ النسخة الأم يتفق الباحث مع عدد من أصدقائه الذين يتصفون بشيء من العلم والاطلاع على الخطوط، ويفضل أن يكونوا في نفس التخصص الذي يعمل فيه الباحث، وأن يكون عددهم بعدد النسخ التي تم الحصول عليها لهذا المخطوط؛ لإجراء عملية المقابلة بين النسخ، يعطى كل منهم رمزا للمخطوطة التي معه، ثم يبدأ هو في قراءة المتن من النسخة التي نقلها، أصبح عندي ثلاث أو أربع نسخ كل نسخة مع شخص من الأشخاص ولها رمز، فلان هذا رمزه ألف، فلان هذا رمزه باء هذا رمزه دال.
وهكذا يبدأ الباحث في قراءة المتن من النسخة التي نقلها، وإخوانه يتابعونه في النسخ التي بين أيديهم، حتى إذا صادف أي خلاف بين النسخ سجل في الصفحة