الجمل حتى طريقة استخدامهم للأرقام كانت تختلف. كل هذا يحتاج من الباحث إلى خبرة خاصة قبل الإقدام على قراءة النص وتحقيقه.

الأمر الثاني من الأمور التي ينبغي للمحقق أن يراعيها قبل إقدامه على فحص النص هي: التمرس بأسلوب المؤلف؛ إذ لابد له من المران على أسلوب المؤلف، فلكل مؤلف أسلوبه، عباراته التي يرددها، لزماته التي تدور في كلامه، وهذا يفيده لو أن هناك تصحيفا، تحريفا. خبرة المحقق بأسلوب المؤلف لا تقل أهمية عن خبرته بالخطوط وطرق النُسَّاخ في الكتابة، من حيث الإفادة في معرفة قصد المؤلف؛ إذ من الأشياء المهمة في التحقيق معرفة رأي المؤلف وغرضه في الكتاب، هذه المعرفة لا تتم إلا من خلال الطرائق التي ينتهجها المؤلف، أقل شيء يمكن أن يتعرف الباحث من خلاله على أسلوب المؤلف هو قراءة المخطوط أكثر من مرة، ويتأمل العبارات، يتأمل التراكيب، يتأمل الألفاظ، القاموس الذي يستخدمه هذا المؤلف، لابد أن يقف أمامه وقفة طويلة يقرأ المخطوط قراءة متأنية يركز فيها على طرائقه في التعبير، يرصد الظواهر الأسلوبية عنده، يسجل اتجاهه الذي يؤثره في الصياغة.

وأعلى صور التمرس بأسلوب المؤلف أن يرجع المحقق إلى مؤلفات المؤلف، بقراءة هذه المؤلفات ويربط بين أسلوبه في المخطوط وبين أسلوبه في الكتب الأخرى إن كانت مخطوطة أو كانت مطبوعة محققة أو غير ذلك، يقرؤها جيدا ليزداد خبرة بأسلوبه ويحاول أن يربط بين أساليب كتبه التي قرأها، وأسلوب المخطوط الذي يستخدمه ويسجل ملاحظاته ويرصد ما بينها من اختلاف، فإن ذلك سوف يعينه على تحقيق النص والوصول إلى الصواب لا محالة.

الأمر الثالث من الأمور التي ينبغي أن يراعيها المحقق قبل الولوج إلى النص: هو إلمام الباحث بالموضوع الذي يعالجه المخطوط حتى يتمكن المحقق من فهم النص فهما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015