المرتبة الرابعة: النسخة التي كتبت في حياة المؤلف، وهذه يمكن أن نعرفها من خلال تاريخ النسخ، ناسخها قال: كتبت هذه النسخة في حياة الجاحظ أو في كذا، وكانت نسخة مثلا لكتاب (الحيوان) أو لكتاب (البيان والتبيين) واعترف المؤلف في بدايتها أو في آخرها بتاريخ النسخ، وردت عبارة من الناسخ كأن يقول بعد ذكره: أطال الله عمره، أو أدام الله توفيقه، أو مثل هذا، وذلك على العكس من قوله مثلا عن المؤلف: رحمه الله تعالى، أو غفر له أو ما أشبه ذلك، فإنه يدل على أن المؤلف كان حين نسخ الناسخ الكتاب قد توفي إلى رحمة الله تعالى.
لابد أن يتنبه الباحث أن هناك نسخًا نقلت عن النسخة الأم أثناء كتابة صاحبها لها مثلما نجد في كتاب (خزانة الأدب) للبغدادي، و (المغازي) للواقدي، وغيرهما وهذا النوع من الأصول لا يخرج كتابا محققا، وإنما يستعان به في تحقيق النص؛ لأن الناقلين حينئذ تكون لهم حرية التصرف بالنص، إلا إذا نصوا في نسخهم على أن هذا هو لفظ المؤلف، وأنهم لم يتدخلوا بالتغيير أو التعديل، في هذه الحالة من الممكن أن نعتمد عليها في التحقيق كأصل ثانوي.
ومن الأمور أيضا التي يجب التنبيه عليها: في بعض الأحيان يعمد الناسخ إلى نسخة أصلية وينسخها، وينسخ معها عبارة المؤلف التي يذيل بها المخطوط، يعني يقول المؤلف: انتهيت من كتابة هذه النسخة في رجب سنة مثلا عشرين أو سنة ثلاثين بعد المائة من الهجرة، المؤلف نفسه يكتب هذا فيأتي ناسخ وينسخ هذه المخطوطة بدقة وأمانة لا نشك في هذا، ثم ينسخ -ضمن الكلمات التي نسخها- التذييل الذي ذيل به هذه المخطوطة، ثم لا يعقب ويقول: أنا نقلت، أو لا يشير إلى أنه نسخها من النسخة الأم، فيظن المحقق أن هذه هي النسخة الأم