بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الخامس عشر
(مفهوم التحقيق والتوثيق وشروط المحقق)
مفهوم التحقيق والتوثيق
الحمد لله الذي خلق الإنسان وعلمه البيان، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خير خلق الله أجمعين، وعلى آله وصحبه وبعد:
فكلمة "تحقيق" مصدر للفعل حقق. جاء في (لسان العرب) لابن منظور: "حَقَّ الأمْرُ يحِقُّ ويَحُقُّ حَقّا وحُقُوقا أي صار حَقا وثبتَ، وحقه وأحقه أي: أثبته وصار عنده حقا لا يشك فيه، وأيضا ورد: وحقه وحققه أي: صدقه، وحقق الرجل: إذا قال: هذا الشيء هو الحق بمعنى: أنه اعترف بأحقية ذلك الشيء وصدقه، وأحققت الأمر إحقاقا: إذا أحكمته وصححته، ويقال أيضا: كلام محقق أي كلام محكم منظم، ويقال أيضا: أحق الله الأمر أي: أظهره وأثبته للناس، والحق هو الثابت الصحيح، وهو ضد الباطل، وقال أبو البقاء: التحقيق تفعيل يعني على وزن: تفعيل من حق بمعنى: ثبت. وقال بعضهم: التحقيق في اللغة رجع الشيء إلى حقيقته أي: رد الشيء إلى حقيقته بحيث لا يشوبه شبهة، وهو المبالغة في إثبات حقيقة الشيء بالوقوف عليه، والتحقيق مأخوذ من الحقيقة، وهو كون المفهوم حقيقة".
من خلال هذه النصوص وغيرها نستنتج أن مادة حقق ومشتقاتها تدور حول عدة معان من أهم هذه المعاني: الإثبات والتصديق والإحكام والتنظيم والتصحيح والإظهار. هذا من حيث الدلالة اللغوية، أما في اصطلاح أهل الفن، فقد تعددت فيه الأقوال فمن قائل: إنه بذل العناية بالمخطوطات؛ لتكون أقرب إلى الصورة التي كتبها مؤلفها من حيث الدقة