المؤلفات، منطلقين من حيث انتهى إليه الأمم التي سبقتهم، وهذا منهج علمي دقيق، يعني لم يكونوا عالة على الهنود أو اليونان أو الفرس إطلاقًا، وإنما كانت لهم رؤيتهم المستقلة.

وكتبهم في هذا المجال تشهد بعبقريتهم، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر (المختصر في حساب الجبر والمقابلة) الخورازمي، وقد ترجم هذا الكتاب إلى اللغة اللاتينية، وله رسالة أخرى تسمى (الرسالة المنهجية في الحساب الرياضي)، وترجمت إلى اللاتينية أيضا، وكتاب (الحركات السماوية وجوامع علم النجوم) الفرغاني، وترجم أيضا إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر الميلادي، وكتاب (القانون المسعودي في الهيئة والنجوم) للبيروني، وكذا كتابيه (الآثار الباقية) و (الجماهر في معرفة الجواهر)، في هذه الكتب حديث عن الفلك وحساب المثلثات وحساب التوقيت والرياضة والجغرافيا، وكل هذه المعلومات وغيرها تؤكد عمق فكره ومتانة منهجه، بالإضافة إلى ما كتبه الكندي في المد والجزر، وابن سينا في علم الطبيعة والنبات والحيوان والمجال الطبي.

وكانت براعتهم في الجانب الأدبي لا تقل عن براعتهم في الجانب العلمي التطبيقي والتجريبي، هذه حقيقة، وكتب التراث التي نحن الآن ننظر إليها ونتعامل معها، ونحاول فهم ما جاء بها تعلمًا وتذوقًا؛ لأكبر دليل على أن تفوقهم لم يكن في الجانب العلمي، أو التجريبي أو التطبيقي فحسب، وإنما كان في الجانب الأدبي قبل أن يكون في هذه الجوانب العلمية الأخرى، وجدير بالذكر أن هؤلاء العلماء الذين كتبوا في الفلك، أو في الجغرافيا أو في الطب أو في النبات أو في الحيوان أو غيرها من العلوم، كانوا أدباء في المقام الأول، ومنهم من نظم الشعر، فكانوا علماء يتصفون بالموسوعية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015