الكون بعقلية متحررة، ويؤيدون النظريات العقلية بالعديد من التجارب العلمية، هذه حقيقة، فالإسلام له الفضل الأكبر في تحرير هذه العقول، وفي دفعها دفعًا إلى البحث العلمي، ولم يمض قرن من الزمان على تعريب التراث العلمي للأمم الأخرى، مِن فرس وهند ويونان وأتراك وغيرهم، هذه حقيقة.
نحن نعلم أن البيئة العباسية كانت عبارة عن محطة كبيرة، التقت فيها جميع الأجناس والثقافات والحضارات واللغات، الفرس والهنود والترك واليونان، كل أمة من هذه الأمم لها ثقافتها ولها فكرها ولها حضارتها، لها خصائصها التي تتميز بها، التقت كل هذه الأشكال والأصناف في البيئة العباسية فذابت الفوارق، وتحولت إلى الخصيصة العربية في اللغة وفي الحضارة، في كل شيء، الثقافة أصبحت عربية إسلامية، الحضارة أصبحت عربية إسلامية، الدين أصبح عربيا، وهذا حقيقي، لم يمض قرن من الزمان على تعريب هذا التراث العلمي للأمم، الفرس كانوا يستخدمون العربية، والهنود كانوا يستخدمون العربية، واليونان والأتراك وغيرهم.
وقدم العلماء المسلمون كل جديد في العلوم الطبيعية والرياضية، ودخلوا التاريخ العلمي روادًا لآفاق لم يصل إليها أحد من قبل، وإليهم يرجع الفضل في تأصيل مبادئ المنهج التجريبي الاستقرائي، هذه حقيقة لابد أن نعترف بها، المنهج التجريبي الاستقرائي الذي يدعي كثير من الغربيين أن الفضل يرجع إليهم في تأصيله، الحقيقة أننا إذا نظرنا إلى ما قدمه علماؤنا العرب في هذه الأعصر الأولى؛ نجد أنهم هم الذين قاموا بالتأصيل لهذا المنهج التجريبي الاستقرائي، ووضعوا أوليات الكتب التجريبية في الطب، وفي التشريح، وفي الصيدلة وفي الكيمياء، وفي الطبيعة وفي النجوم والفلك والملاحة والجغرافيا، وغيرها من