ظلت فكرة لون جنيوس كامنة حتى كان القرن الثامن عشر؛ فأخذت مكانها بين دراسة الأدب، والفنون عامة على يد فيلسوف مشهور يسمى: "باوم جارتن"، وهو ألماني في كتابه الذي وضعه باللغة اللاتينية، واتخذ مصطلح "الإستطيقا" عنوانًا له، ومنذ هذا الوقت شاع المصطلح، وصار محل بحث لدى الفلاسفة، وفي مقدمتهم: الفليسوف "كانت"، و"هيجل"، وشوبن هور". يرى "كانت" أن الفن ليس له غاية إلا المتعة الجمالية الخالصة التي تحدث من الانسجام بين ملكاتنا الإنسانية، ويعتقد "كانت" أن وعي المرء بجمال الأشياء يتأتى أولًا: من تأمله الدقيق للأشياء. وثانيا: من حصول التوافق والانسجام بين إدراكه، وتصوره من ناحية وبين ميزات تلك الأشياء المادية من ناحية أخرى.

والمعيار الجمالي الأمثل عند "كانت": هو مدى تطابق أحداث وشخوص الرواية، أو القصيدة على أحداث الواقع، أي: أنه يربطها بالواقع. أما "هيجل": فيذهب إلى أن الجمال الفني يتألف من المادة المحسوسة، والتصور العقلي المجرد. أما "شوبن هور": فكان يرى أن الفن تأمل صوفي تكاد تنمحي فيه الإرادة تماما، بل إنه يتحرر منها تحررا تامًّا، بحيث ينسى فيه الفنان إرادته وفرديته مستغرقا في الوجود أو في المثال المطلق.

ويعد "باوم جارتن" الألماني أول من استخدم مصطلح الفلسفة الجمالية، أو الاستطيقا، وظلت ألمانيا تقود حركة مباحث الفلسفة الجمالية حتى إذا كان القرن التاسع عشر، أخذت تلك المباحث تنشط في فرنسا وإنجلترا وغيرهما من بقية البلدان نشاطًا ملحوظًا، وكثر الحديث عن الجمال الفني، وحقيقته، ومعاييره، وعناصره، وكل ما يتعلق بهذه النظرية أو الفلسفة.

ففي فرنسا سيطر فكر الروحانيين على نظرية الفلسفة الجمالية، وهم يرون أن الجمال ظاهرة روحية لا يمكن حصرها في الوجود المادي، ورغم أنهم أقروا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015