مأخذ آخر: تفسيرهم للعمل الأدبي على أساس أنه تعويض عن مركب النقص، أو تعبير عن أساطير الأولين -كما اتضح لنا- أو إظهار لتلك الرغبة الاستبطانية الذاتية التي ترجع في جوهرها إلى عقد نفسية متنوعة، كل ذلك التفسير يسلب النص الأدبي قدره، ويخرج بالأعمال الأدبية التي تصور المجتمع عن مسارها، ولم يقل بذلك أحد؛ لأن هذه الأعمال هي أعمال أدبية رائعة جيدة.

ثالثا: المنهج النفسي كما مر بك يهتم بالأديب أولا، وقبل كل شيء؛ لأنه يبحث في النفس، ويتتبع تطورات نفسه، وأشكال غرائزه، ويهمل النص الأدبي ذاته، ويدرس النماذج الأدبية باعتبارها نماذج بشرية، وهذا تحليل للعمل الأدبي من جانب واحد، وإهمال لمواطن الجمال والقوة فيه. ومن ثم، يستوي أمام هذا المنهج العمل الأدبي الجيد والرديء، فكلاهما يصلح شاهدًا في ضوء النظريات النفسية الحديثة.

رابعا: التوسع في استخدام الدراسات النفسية في مجال البحث الأدبي، وإرجاع كل صياغة فنية إلى أصل نفسي دون النظر إلى المقاييس الجمالية والفنية، كل ذلك يقتل الأدب، ويحوله إلى درس في التحليل النفسي، ويفقد المتلقي الإحساس بالمتعة الفنية التي هي غايته.

وجدير بالذكر أيضا، أن علم النفس مهما بلغ من تقدم في نظرياته ومقاييسه، فإنه لم يحط إحاطة كاملة بكل الجوانب الإنسانية، أو النفسية لشخصية ما، وأن فروضه، وتحليلاته، ونتائجه ليست أمورًا مسلمة، لكنها نسبة تحتمل الصدق والكذب.

والسلام عليكم رحمة الله وبركاته.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015