حقيقة هذه الاستجابة لذلك المؤثر الخارجي قد تكون قوية، وقد تكون ضعيفة، وبالتالي نحكم عليها بأنها صادقة، أو بأنها كاذبة؛ نتيجة لمؤثر صادق أو كاذب.
المنهج الذي ينهض بذلك ويكشف عن الصدق أو الكذب، والقوة أو الضعف هو المنهج النفسي من خلال دراسة نفسية الأديب، وبيان طبيعتها. كما أنه لا يمكن التعرف على أثر العمل الأدبي في نفس المتلقي -كما سبق- إلا من خلال منهج نفسي واضح، وهذان أهم عنصرين في العمل الأدبي: مصدر الإبداع، وعلاقة الأديب به، ثم المتلقي، ومدى استجابته للعمل الفني. مصدران مهمان جدًّا يكشف المنهج النفسي عن جوانب كثيرة منهما، ولا يحق لمنهج آخر أن يحل محله في ذلك. ومن ثم، فنحن في أشد الحاجة إليه.
ويمكننا القول: إن المنهج النفسي يساعد على فهم الأدب وتفسيره، وإدراك بواعثه، وأثره في نفس المتلقي، كما يساعدنا على فهم طبيعة الأديب نفسه. رغم هذه الكلمات التي قلتها عن قيمته إلا أن هناك بعض المآخذ التي يمكن أن تؤخذ عليه، منها:
أولا: الأدباء في نظر واضعي المنهج النفسي شخصيات غير سوية -هذه حقيقة- والأدب عبارة عن حصيلة نفوس شاذة، تشعر بمركب النقص أحيانا، أو تعاني من صراع الرغبة المكبوتة أحيانًا أخرى، وهذا غير صحيح؛ فالواقع يؤكد أن الأدباء من أرقى طبقات المجتمع حسًّا، وأصفاهم نفسًا، وأصحهم فكرًا، وهم قلب أمتهم النابض، ووترهم الحساس، وأن الأدب أرقى أنواع الفنون كلها، فهذا مأخذ.