ثانيا: يوضح المنهج النفسي دلالة العمل الأدبي على نفسية صاحبه، وكيفية ملاحظة هذه الدلالة، واستنطاقها، ومعرفة التطورات النفسية لصاحب العمل الأدبي.
الجانب الثالث: يكشف المنهج النفسي عن تأثير العمل الأدبي في نفس المتلقي، كما يوضح العلاقة بين الصورة اللفظية، والتجارب الشعورية لدى الآخرين. فهو بهذا منهج يتناول العمل الأدبي منذ بدايته حتى نهايته، ويوضح كيف تتم عملية الإبداع، ويكشف عن طبيعة هذه العملية من الوجهة النفسية، والعناصر الشعورية الداخلة فيها، وكيفية تركيبها وتماسكها، كما يوضح ويفسر دلالة العمل الأدبي على نفسية صاحبه، والتطورات النفسية التي تعتريه، كما يكشف عن أثر العمل الأدبي في نفوس المتلقين، وإحياء تجاربهم الشعورية.
وهو بهذا المعنى جديد على ساحة الأدب العربي؛ فلم يعرف أدبنا العربي هذه الدراسات النفسية بهذا المعنى الحديث قبل ذلك، أي: قبل العصر الحديث؛ لأن استخدام علم النفس، وما وصلت إليه الدراسات من نظريات مرسومة، وقواعد محددة، وطرائق خاصة لفهم الأدب، كل هذه أشياء مستحدثة بلا جدال، ليس لها أصول في ثقافتنا العربية الأدبية.
أما عن الملاحظات النفسية بصفة عامة، وتوظيفها في درس الأدب وبحثه، فهي أقدم من ذلك بكثير؛ إذ أشار أفلاطون إليها أثناء حديثه عن الإلياذة، حيث ذكر أن الشاعر ينظم شعره عن إلهام، وحال تشبه الجنون. ويعد أول من وصف الشاعر بأنه مريض نفسيًّا أو عصبيًّا. هذا بالنسبة لأرسطو، هذه لفتة نفسية قديمة.
أما بالنسبة للمؤلفين العرب في القديم: فإن تلك الملاحظات النفسية كانت أمام أعينهم، وفي خاطرهم، وهم يبحثون في الأدب، ويؤلفون هذه المؤلفات القيمة،