والنمو والتكاثر والكمال، ثم التلاشي وفي النهاية العدم، مؤكدًا خضوع الأدب في ذلك كله لعوامل بيئية واجتماعية مختلفة، فكل جنس أدبي له زمان خاص به، يولد فيه وينمو فيه، ويموت فيه، فله حياة خاصة به، في امتداد زمني معين، مثل الأجناس الحيوانية تمامًا.

وفي سبيل تأكيد ذلك اختار برونت يير ثلاثة أنواع أدبية، هي المسرح والنقد الأدبي، والشعر الغنائي، وراح يطبق عليها نظريته السالفة الذكر، والحقيقة أن نظرية تطور الأنواع الأدبية، التي نادى بها برونت يير في حد ذاتها صحيحة، هي صحيحة في حد ذاتها؛ لأن الأدب ينمو، ويصيبه شيء من التطور، مثلما يصيب الكائنات الحية، ولكن الفرق شاسع بين تطور الكائنات، وتطور الآداب، فالكائنات الحية تتلاشى، وينفي بعضها بعضًا بخلاف الأدب، فإنه لا يصيبه شيء من ذلك على الإطلاق، ولا زلانا نستمع إلى الآن بالدرر الخالدة من أدبنا العربي في العصر الجاهلي والإسلامي، والأندلسي وغيرها من عصور، رغم ما طرأ على الأدب من تطور في هذه العصور، وعبر الأزمان المتلاحقة من بعدها، هذه أو هذا موجز عن نشأة هذا المنهج، وهم علماء ثلاثة، أبدى كل واحد منهم رؤيته، وأصلوا لهذا المنهج في الآداب الغربية.

والحقيقة أن العرب عرفوا هذا المنهج قبل الأوربيين بأزمنة طويلة، وإن غاب عنهم المصطلح، فالفكرة لم تغب عن خاطرهم، ومؤلفاتهم التي بين أيدينا تشهد بذلك، وسبق أن أشرنا إلى بعضها، هم عرفوا المنهج التاريخي، عرفوا الفكرة عرفوا المفهوم، ولكن المصطلح والقوانين الحديثة، هذه هي التي لم يعرفها العرب.

وهذا المنهج بمفهومه وأصوله الحديثة، التي انتشرت في البيئة الغربية، انتقل إلى البيئة العربية من خلال عدة طرق،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015