أو أدبية أو علمية أو صحافية، وفي الشِّعْر كذلك، وفي الشروط والتوثيق كذلك، وفي الخطابة كذلك، وفي المحادَثات يجب التمرُّن بمطالعة محادثات العرب، وقِصَارِ الجُمَل، والأجوبة البديعة، فإنَّ معرفة المُرَاسَلة والخطابة لا يُغنِي عن معرفة كيفية المحادَثة؛ ألا ترى أنه لو عَمَد إنسانٌ إلى أن يكتب كما يتكلَّم لجاءت كتابتُه مقطَّعة، وكذا لو تكلَّم كما يكتب لكان كمن يسرُد شيئًا محفوظًا، وهكذا تجدُ لكلِّ فَنٍّ لهجةً تُشبِه أن تكون لغةً خاصةً، فمن الغلط الكبير أن يلتزم المتمرِّنُ أسلوبًا واحدًا أو طريقةً منفردةً لا يعدو ذلك إلى غيره، وقد تَنبَّهْتَ إلى أنموذج ذلك، وفي استقرائه كثرةٌ، وليس الرِّيُّ عن التَّشَافِّ. والله أعلم.
انتهى القسم اللفظي، وفي منتهاه بِلْغُ ما أردناه من أصول فَنِّ الإنشاء، وسنقفِّيه إن شاء الله تعالى بخُلاصةٍ تتعلق بفنِّ الخطابة وآداب الخطباء، لتكون له كالتَّكملة، وعسى إذا حَظِي ذلك بإعمالِ بصيرةٍ نَقَّادَة، وأُورِيَ له زِنَادُ فِكْرةٍ وَقَّادة، أن يكون كافيًا للمتعلِّم القاصدِ، سِيَّمَا إذا نَفَحَها المدرِّس النِّحْرِيرُ بما تجود به هِمَّتُه من الزَّوائد.
- انتهى -
- يتلوه الكلام على فن الخطابة -