الأمير الناصر بقرطبة -حين وَفَد رُسُل مَلِك الروم، وحين أُرتِج على أبي علي القالي- إلا من حُسْن استعداده للحوادث، وعِلْمِه بأنَّ من عُيِّن للخطابة لا يُحسِنُها. وقد قدمنا في فن الإنشاء طرفا من هذا.

هذا ومما يلتحق بالكلام على نَسْج الخطب: اشتمالُها على شيء من الشِّعْر، وكان ذلك قليلاً عند العرب، كما في خطبة قُسِّ بن ساعدة؛ إذ ختمها بأبيات، وكما في خطبتين لسيدنا علي - رضي الله عنه - تمثَّل في إحداهما ببيت للأعشى، وفي الأخرى ببيت لدريد بن الصِّمَّة، وكذا خطبة عبد الملك المتقدِّمة، فإنه ذكر في آخرها بيت النابغة.

وقد أكثر صاحب المقامات في خُطَبه المذكورةِ فيها من ذِكْر الشِّعْر، ولا شَكَّ أن غرضَه منه إدخال طريقة جديدة في الخطابة، إلا أنه لم يُتَابَع عليها مِنْ أحد، فلم يزل ذِكْرُ الشِّعر في الخُطَب قليلاً جاريًا مجرى التَّمَثُّل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015