الاستماع". وقال الجاحظ: "ما زال السلفُ يُسَمُّون الخطبةَ التي لم يَفتتِح صاحبُها بالتَّحميد (البَتْرَاء)، والتي لم تُوَشَّحْ بالقرآن والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - (الشَّوْهَاء) ". ومن أجل ذلك لُقِّبَتْ خطبةُ زياد بن أبي سفيان بـ (البتراء)، وهي التي خَطَبَها بالبصرة، وأولها: "أمَّا بعدُ: فإنَّ الجَهَالةَ الجهلاء، والضَّلالةَ العَمْيَاء، والغَيَّ الموفيَ بأهله على النَّار، ما فيه سفهاؤكم ويشتمل عليه حُلَمَاؤُكم، من الأمور العِظَام ينبُت فيها الصَّغير، ولا يتحاشى منها الكبير ... إلخ". وفي التَّسْمِيَة إشارةٌ إلى حديث: "كلُّ أَمْرٍ ذي بالٍ لا يُبْدَأ فيه باسم الله فهو أَبْتَرُ". وسميت خطبة سَحْبَان بـ (الشَّوْهَاء) -خَطَب بها في مجلس معاوية-. وقيل: سميت بذلك لحسنها.
ويُستحسَن في الدِّيبَاجة الإيجازُ والارتباطُ بالمقصود، ويسمى ذلك بـ (براعة الاستهلال). كما يُستحسَن فيها الاعتناءُ بالبلاغة والصِّنَاعة، ويحسُن وَقْعُ السَّجع فيها لأنه يُضَارِع الشِّعْر فينشِّط النَّفْس، ويُهَيِّئُ الأذهان إلى ما سَيُلقَى إليها.
وليس يصعب على الخطيب الحاذق التَّأنِّي في الفاتحة؛