قال أبو طاهر السِّلَفي (ت 576 هـ) في «معجم السفر» (ص 99) رقم (284): ... (سمعت أبا الرضا زيد بن جعفر بن إبراهيم الخيمي بالإسكندرية يقول: رافقتُ ... عبد الرحمن بن تقي الشوَّاي المصري إلى بغداد، فاشترينا من رجل من ديار مصر مقيمٍ بها نعالاً ووصَّانا بحفظها عند دخولنا إلى المساجد للصلاة والأكل والنوم على عادة الغرباء.
فقال عبد الرحمن: نحن لا نغلب فأبلَه مصر، أشطر من شاطر بغداد. وبِقُرْبِنَا مَن يسمع كلامنا ونحن لا ندري.
ثم إنا افترقنا فقال لي بعد ذلك عبد الرحمن: دخلت إلى مسجد وأكلت طعاماً وغلبتني عيني، فاتكأتُ وإذا برجل قد دخل ورفع صوتَه فلم أكلِّمه، فقعد في زاوية من الزوايا كأنه يدفن شيئاً، ثم دخل آخر فقال: ما عمِلتَ؟ فقال: دفنتُها. فقال: خاطرْنَا برؤوسنا حتى حصلنا هذه الدنانير المئة وتريد تضيعها علينا!
فقال: كيف؟ فقال: مِن أين تأمَنُ أنَّ هذا النائم قَدْ عَلِمَ جميع ما عمِلْتَ؟
فقال: لا يا رجل، هو فريق في نومه. فقال: لا والله.
وجرى بينهما كلام كثير، فقال: أتريدُ أن تحقق أنه نائم؟ قال: نعم. قال: اصبر.
وجاء وحرَّكَنِي، فلم أتحرَّك طمعاً في المال. فقال: هو ـ والله ـ نبهان، فأخذ النعلين من رجلي، فلم أتحرك، وكنتُ مِن حوطتي عليهما قد رقدت فيهما، فدفَعَ في ظهرِه وأخرجَه.
وقال: ما قلتُ لكَ إنه نائم. وخرجَ خلفَهُ.