ب_ إن تسليم نقلة الخبر باحتمال الوهم أو الإدراج في آخره يفتح المجال للتساؤل عما إذا كان مثل ذلك قد حدث أيضا في بعض أجزائه الأخرى، ونخص بالذكر منها سجود الحجارة، وكيف كان وعلى أي سورة؟.. وليس تصور هذا بأقل غرابة من مشاهدة ميسرة للملائة في الخبر الآخر.

ج_ إعلان بحيرة نبوة محمد (صلى الله عليه وسلم) كان على مسمع منه (صلى الله عليه وسلم) ومسمع ومشهد من أشياخ الركب، فلم طُمِس على هذا الجانب نهائيا فيما بعد، فلم يُذكر على لسان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قط، ولم يرو عن أحد من هؤلاء الأشياخ، بل الذي حدث أن مكة كلها فوجئت بالنبأ العظيم عقيب يوم حراء العظيم؟!

د_ لقد حدّث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالكثير من إرهاصات نبوته، وجاء بعض أحاديثه في هذا الصدد أجوبة على أسئلة صحابته وفيها ما يفوق بشرى بحيرا، كشق صدره وتسليم الحجر والشجر عليه، وبعد البعثة شهد الجم الغفير من أصحابه خوارق المعجزات التي حققها الله على يديه، وقد أودع ذلك كله بطون المراجع التي بلغت أعلى درجات الصحة، فكيف أمسك (صلى الله عليه وسلم) عن ذكر خبر بحيرا فلم ينقل عنه، ولم سكت صحابته الأدنون فلم يسألوه عنه، مع أنه جدير باستفساراتهم؟!!.. أليس في ذلك دليل على أن ذلك الخبر لم يكن معروفا أيامه (صلى الله عليه وسلم) وإنما تأخر ظهوره إلى ما بعد وفاته؟!

هـ- وأخيرا ليسمح لنا فضيلة الشيخ ناصر –نفع الله بعلمه- أن نذكره بأن مثله عن موافقة بعض الإنجيليين لبعض أنباء القرآن بشأن موسى (عليه السلام) غير كاف لتسويغ ذلك التشابه الغريب ما زعموه من البشريات بظهور المسيح (عليه السلام) وما ذكره كتاب السيرة من بشائر البعثة النبوية التي نحن بصددها، فالمسلم لم يصدق أخبار أهل الكتاب عن موسى (عليه السلام) لو لم يقرأها في الذكر المحفوظ، وإلا فكم من خبر لديهم لا يساوي المداد الذي كتب به، وإذن فلا وجه للمقارنة بين كتبهم التي لا يعرف أصلها ومصادرها التي أقامت للفكر البشري معالم التحقيق الفاصل بين الحق والباطل.. هذا إلى أن الخبر الذي نسبه الشيخ ناصر إلى الإنجيليين إنما هو من أسفار اليهود فلا مكان في صحف هؤلاء ولا مناسبة – فيما أذكر -.

ولعل من الخير أن نختم هذه الملاحظات بتلك الكلمة الحكيمة التي عقب بها العلامة المرحوم الشيخ محمد أبو زهرة – غفر الله له - على ما عرضه من أشباه تلك المرويات التي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015