الوضع عن الخبر في الفقرة الثانية محتجا لصحته بما أورده الإنجيليون من أخبار عن موسى (عليه السلام) مطابقة لمضمون القرآن.

وقد دافع الأستاذ الغزالي عن وجهته في الصفحة نفسها محتجا بتقرير أئمة من أهل الحديث، كالذهبي الذي يقول –في ميزان الاعتدال- "مما يدل على بطلان هذا الحديث قوله: (وبعث معه أبو بكر بلالا) " وكالحافظ ابن حجر الذي ينقل قوله في (المواهب اللدنية) أن "رجاله ثقات وليس فيه سوى هذه النقطة، فيحتمل أن تكون مدرجة فيه، منقطعة من حديث آخر وهما من أحد رواته.." وأخيرا يورد قول ابن كثير أن من غرائب هذا الحديث كونه من مرسلات الصحابة، فهل على كل تقدير مرسل.1

وقد رأيت أن ألفت نظر القارئ إلى بعض الملاحظات حول هذا الحوار:

أ_ إن عمدة القائلين بصحة هذا الخبر هي ثقتهم بسنده فهو عند صيارفة الحديث من الضرب الموثوق دون ريب. ولا غبار على متنه لأنه داخل في الممكنات التي تتعلق بتكرمة الله عبده المختار (صلى الله عليه وسلم) .

ب_ لذلك وقف نقدهم عند فقرته الأخيرة من ذكر أبي بكر وبلال (رضي الله عنهما) فأوردوا عليها بعض الاحتمالات، ومن ذلك رواية البزار بإرسال رجل آخر مكان بلال لم يذكر اسمه، ونضيف إلى ذلك الرواية الثالثة القائلة بأن الذي عاد به إلى مكة هو عمه أبو طالب2.

ولننظر الآن في كل من الملاحظتين على حدة:

أ_ لا خلاف على صحة السند بشهادة أولي العلم، ولعل الخلاف أن يكون مقصورا على تعيين نوع الحديث أمن المراسيل هو أم من المرفوعات؟.. والذي يطمئن إليه العقل والقلب هو ما ذهب إليه ابن كثير من القطع بإرساله، وفي هذه الحال لا يعدو كونه نوعا من الأخبار التي سمع أبو موسى (رضي الله عنه) بعض الناس يتناقلونها فحملها عنهم.. ويؤيد ذلك وقف الخبر على روايه الأخير الذي يقول فيه أحد عارفيه –كما أسلفنا- (ليس في الدنيا أحد يحدث به غير قراد) 3.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015