. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
المصنف وسيأتى أنهما قضيتان، وحينئذ فلا إشكال فى تخالف الروايتين فى هذا وما يأتى، وعلى التنزل وأن القضية واحدة فقد يجاب بأن رواية مسلم أولى بالتقديم، وعلى فرض التساوى، يحتمل أن أبا بكر قال ما فى رواية المصنف، قبل مجىء عمر، فلما جاء عمر وذكر الجوع ذكره أبو بكر أيضا وأما الحلف فزيادة فى رواية مسلم. وأما قوله فيها «لأخرجنى الذى أخرجكما» وفى رواية المصنف (وأنا قد وجدت بعض ذلك) فيحتمل أنه جمع بين هاتين المقالتين. وفيه أنه لا بأس بذهاب المحتاج إلى بعض أغنياء أصدقائه لقضاء حاجته. (بعض ذلك): أى الجوع، فيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم وكبار أصحابه من التقلل من الدنيا وما ابتلوا به من ضيق العيش أحيانا حتى بعد فتح الفتوح والقرى عليهم لذا راوى الحديث أبو هريرة، وإسلامه بعد فتح خيبر، واحتمال أنه رواه عن غيره بعيد، فعلم أنه صلى الله عليه وسلم كان تارة موسر وتارة يفقد ما عنده، لإخراجه فى وجوه البر من إيثار المحتاجين وتجهيز السرايا والبعوث وغير ذلك، ومن ثم صح كما مر: «أنه خرج من الدنيا ولم يشبع من خبز الشعير، وتوفى ودرعه مرهونة على آصع من شعير استدانه لأهله من أبى الشحم اليهودى»، وكان أكابر الصحابة على مثل حاله المذكور من الفقر تارة واليسار أخرى حتى أغنياؤهم كان قد يحصل لهم ذلك، لإخراج ما عندهم فى وجوه البر، فلا يستبعد جوعه مع وجودهم، وما نقل عنهم من إيثارهم له على نفوسهم وإهدائهم إليه وإتحافهم له بالظرف ونحوها. وبهذا اندفع استشكال جوعه وجوعهم مع أنه كان يدخر لأهله قوت سنة، وأنه قسم بين أربعة من أصحابه ألف بعير مما أفاء الله عليه، وأنه ساق فى عمرته مائة بدنة فنحرها وأطعمها المساكين، وأنه أمر لأعرابى بقطيع من الغنم وغير ذلك، مع من كان معه من أصحاب الأموال، كأبى بكر وعمر وعثمان وطلحة وغيرهم مع بذلهم أنفسهم وأموالهم بين يديه، وأمر بالصدقة فجاءه أبو بكر بجميع ماله وعمر بنصفه، وحث على تجهيز جيش العسرة فجهزه عثمان بألف بعير وسبعين فرسا، وفى رواية: ومائتى أوقية، وفى أخرى عند الملا فى سيرته والطبرى فى رياضه، وبعثه بعشرة آلاف دينار فصب بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يقلبها، ويقول:
«غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائن إلى يوم القيامة، ما يبالى ما عمل بعدها» (?). وأما جواب الطبرى عنه بأنه ذلك كان منهم فى بعض الحالات لا لعذر