يلبثوا أن جاء أبو الهيثم بقربة يزعبها، فوضعها، ثمّ جاء يلتزم النّبىّ صلى الله عليه وسلم ويفديه بأبيه وأمه، ثمّ انطلق بهم إلى حديقته فبسط لهم بساطا، ثمّ انطلق إلى نخلة، فجاء بقنو فوضعه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا تنقّيت من رطبه. فقال: يا رسول الله إنى أردت أن تختاروا، أو تخيّروا من رطبه وبسره. فأكلوا وشربوا من ذلك الماء، فقال النّبىّ صلى الله عليه وسلم: هذا والذى نفسى بيده من النّعيم الذى تسألون عنه يوم القيامة، ظل «بارد»، ورطب طيّب، وماء بارد. فانطلق أبو الهيثم ليصنع لهم طعاما. فقال النّبىّ صلى الله عليه وسلم: لا تذبحنّ لنا ذات درّ. فذبح لهم عناقا-أو جديا- فأتاهم بها فأكلوا. فقال النّبىّ صلى الله عليه وسلم: هل لك خادم؟ قال: لا. قال: فإذا أتانا سبى فأتنا، فأتى النّبىّ صلى الله عليه وسلم برأسين ليس معهما ثالث فأتاه أبو الهيثم، فقال النّبىّ صلى الله عليه وسلم:

اختر منهما. فقال: يا نبىّ الله: اختر لى. فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم: إنّ المستشار مؤتمن، خذ هذا، فإنّى رأيته يصلى، واستوص به معروفا، فانطلق أبو الهيثم إلى امرأته، فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت امرأته: ما أنت ببالغ ما قال فيه النبىّ صلى الله عليه وسلم إلاّ أن تعتقه. قال: فهو عتيق. فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم: إنّ الله لم يبعث نبيا ولا خليفة إلا وله بطانتان: بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر. وبطانة لا تألوه خبالا، ومن يوق بطانة السّوء فقد وقى».

ـــــــــــــــــــــــــــــ

الجهد): أى من أجله، وهو بضم أوله وفتحه بمعنى المشقة، وقيل: الوسع والطاقة، وقيل: بالضم للوسع والطاقة وبالفتح للمشقة. (ولا يلقاه فيها أحد): أى باعتبار عادته. (ما جاء بك يا أبا بكر. . .) إلخ. رواية مسلم عن أبى هريرة أيضا. (فإذا هو بأبى بكر وعمر رضى الله عنهما. فقال: «ما أخرجكما من بيوتكما الساعة؟ قالا: الجوع يا رسول الله، قال: والذى نفسى بيده لأخرجنى الذى أخرجكما» (?) وفيه مخالفة لرواية

طور بواسطة نورين ميديا © 2015