. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
وضيق، بل تارة للإيثار وتارة لكرامة الشبع وكثرة الأكل فمعترض، بأنه مخالف للأحاديث السابقة والآتية الناصة على جوعه وجوعهم، بل الحق، أن كثيرين منهم، كانوا فى حال الضيق قبل الهجرة بمكة، فلما هاجروا للمدينة كان أكثرهم كذلك، فواساهم الأنصار بالمنازل والمنائح، فلما فتحت أموال بنى النضير وما بعدها ردوا عليهم منائحهم. وقد أخرج ابن حبان فى صحيحه عن عائشة: «من حدثكم أنا كنا نشبع من التمر فقد كذبكم، فلما فتحت قريظة، أصبنا شيئا من التمر والودك» (?) وسيأتى: «لقد أتت علينا ثلاثون من بين يوم وليلة، ما لى ولبلال طعام يأكله أحد إلا شىء يواريه إبط بلال» صحح الحديث المصنف. نعم كان صلى الله عليه وسلم يختار ذلك مع إمكان حصول التوسع والبسط فى الدنيا. فقد أخرج المصنف: «عرض على ربى ليجعل لى بطحاء مكة ذهبا، قلت: لا يا رب، أشبع يوما، فإذا جعت نظرت إليك وذكرتك، وإذا شبعت شكرتك وحمدتك» (?). وحكمة هذا التفصيل: هو الاستلذاذ بالخطاب مع بيان تلك الحكمة لأمته، وإلا فهو تعالى عالم بالأشياء جملة وتفصيلا. وروى الطبرانى بإسناد حسن:
«كان صلى الله عليه وسلم ذات يوم وجبريل على الصفا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: يا جبريل والذى بعثك بالحق ما أمسى لآل محمد سفة من دقيق، ولا كف من سويق فلم يكن كلامه بأسرع من يسمع هدة من السماء أفزعته فقال النبى صلى الله عليه وسلم: أمر الله القيامة أن تقوم قال: لا ولكن إسرافيل نزل إليك حين سمع كلامك، فأتاه إسرافيل، فقال: إن الله سمع ما ذكرت فبعثنى إليك بمفاتيح خزائن الأرض وأمرنى أن أعرض عليك أسير معك جبال تهامة زمردا أو ياقوتا وذهبا وفضة، فإن شئت نبيا ملكا، وإن شئت نبيا عبدا، فأومأ إليه جبريل أن تواضع فقال: بل نبيا عبدا-ثلاثا» (?).