. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
أنفع الأغذية للناقه لما فى الشعير من التغذية والتلطيف والتليين وتقوية الطبيعة وفى هذا الحديث فوائد كثيرة فلذا أطلت الكلام فيها وفى متعلقاتها فمن ذلك أنه ينبغى الحمية للمريض والناقه بل قال بعض الأطباء: أنفع ما تكون الحمية للناقه من المرض لأن التخليط يوجب انتكاسه وهو أصعب من ابتداء المرض والحمية للصحيح مضرة كالتخليط للمريض والناقه وقد تشتد الشهوة والميل إلى ضار فيتناول منه يسيرا فتقوى الطبيعة على هضمه فلا يضر بل ربما ينفع بل قد يكون أنفع من دواء يكرهه المريض ولذا أمر صلى الله عليه وسلم صهيبا وهو أرمد على تناول التمرات اليسيرة وخبره فى ابن ماجه قدمت على النبى صلى الله عليه وسلم وبين يديه خبز وتمر فقال: ادن وكل فأخذت تمرا فأكلت فقال: أتأكل تمرا وبك رمد؟ فقلت: يا رسول الله أمضغ من الناحية الأخرى فتبسم صلى الله عليه وسلم ففيه إشارة إلى الحمية وعدم التخليط وأن الرمد يضره التمر ما لم تصدق الشهوة وفى حديث الباب أيضا أصل عظيم للطب والتطبيب وأنه ينبغى التداوى فقد صح «إن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء فتداووا» وفى رواية: «إن الله حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا» وصح أيضا:
«تداووا يا عباد الله، فإن الله لم يضع داء، إلا وضع له شفاء، إلا داء واحد وهو الهرم» وفى رواية: «إلا السام» أى الموت أى: المرض الذى قدر الموت منه، وصح أيضا: «لكل داء دواء، فإذا أصاب الدواء الداء برئ بإذن الله»، وفسرته رواية الحميدى: «ما من داء إلا وله دواء، فإذا كان كذلك بعث الله عز وجل ملكا ومعه ستر، فجعله بين الداء والدواء، فكل ما شرب المريض من الدواء لم يقع على الداء، فإذا أراد الله تعالى برأه أمر الملك، فيرفع الستر، ثم يشرب المريض الدواء، فينفعه الله تعالى به»، وفى رواية لأبى نعيم وغيره: «إن الله لم ينزل داء إلا أنزل شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله» وفيه إشارة إلى أن قوله «لكل داء دواء» باق على عمومه حتى تتناوله الأدواء القاتلة وغيرها وإلى أن سبب عدم الشفاء منها هو الجهل بدوائها ومن ثمة علق الشفاء فيما مر على مصادفة الدواء الداء واستفيد من هذه الأحاديث أن رعاية الأسباب بالتداوى لا تنافى التوكل كما لا ينافيه دفع الجوع بالأكل ومن ثمة قال المحاسبى بتداوى المريض اقتداء بسيد المتوكلين محمد صلى الله عليه وسلم والجواب عن خبر من استرقى واكتوى برئ من التوكل أى من توكل المتوكلين الذين من السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب فجعل بعض المتوكل أفضل من بعض وقال ابن عبد البر: برئ من