. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
ـــــــــــــــــــــــــــــ
التوكل إن استرقى بمكروه أو علق شفاءه بوجوده نحو الكى، وغفل عن أن الشفاء من عند الله وأما من جعله على وفق الشرع ناظرا لرب الدواء متوقعا الشفاء من عنده قاصدا صحة بدنه للقيام بطاعة ربه فتوكله باق بحاله استدلالا بفعل سيد المتوكلين إذ عمل بذلك فى نفسه وغيره. انتهى ملخصها، على أنه قيل: لا يتم حقيقة التوحيد إلا بمباشرة الأسباب التى نصبها الله مقتضيات لمسبباتها قدرا وشرعا فتعطيلها يقدح فى التوكل كما يقدح فى الأمر وفى قوله: لكل داء دواء تقويه لنفس المريض والطبيب وحث على طلب الدواء وتخفيف المرض فإن النفس إذا استشعرت أن لدائها دواء يزيله قوى رجائها وانبعث حارها الغريزى فتقوى الروح النفسانية والطبيعية والحيوانية أو بقوة هذه الأرواح تقوى القوى الحاملة لها فتدفع المرض وتثيره والمراد بالإنزال أنزل له دواء التقدير أو إنزال علمه على لسان الملك للأنبياء أو إلهام من يعتد بإلهامه على الأدوية المعنوية كصدق الاعتماد على الله والتوكل عليه والخضوع بين يديه من الصدقة، والإحسان والتفريج عن المكروب أصدق فعلا وأسرع نفعا من الأدوية الحسية ثم ربما تخلف الشفاء عن من استعمل طب النبوة لمانع قام به من نحو ضعف اعتقاد الشفاء وتلقيه بالقبول وهذا هو السبب أيضا فى عدم نفع القرآن لكثيرين مع أنه شفاء لما فى الصدور وقد طب صلى الله عليه وسلم كثيرا من الأمراض كالرمد فقد صح: «الكمأة من المن وماؤها شفاء للعين» وهو نبت لا ورق له ولا ساق توجد فى الأرض من غير زرع وقوله من المن قيل أى: الذى أنزل على بنى إسرائيل ومنه الترلجين وقيل: ليست منه بل مثله بجامع أن كلا يحصل من غير تكلف وبعذر ولا سقى وماؤها شفاء إما بأن يخالطه فى الكمالات، وإما بأن يشق ويوضع على الجمر حتى يغلى ماؤها ثم يجعل الميل بذلك الشىء، وهو فاتر فيكتحل بمائها، وكوجع الحلق الذى يعترى الصبيان غالبا، وتسمى سقوط اللهاة، وهى لحمة بأقصى الحلق، وصح أنه صلى الله عليه وسلم وصف لذلك الكست وهو القسط الهندى يحل بماء، ثم يصب فى الأنف أياما وهى من غمر الخلق الذى يعتاده النساء لذلك، ومادة هذا الوجع دم يغلب عليه البلغم وفى القسط تخفيف لتلك الرطوبات وقد يكون نفعه فى هذا الدواء لخاصيته وإلا فالقسط حار، وأترجة أهل الحجاز حارة وكالإسهال فقد صح أنه وصف له العسل ثلاث مرات فيقال له: لم يزده إلا استطلاقا فوصفه فى الرابعة فقيل له ذلك فقال: «صدق الله وكذب بطن أخيك» أى: لم يصلح لقبول الشفاء وحكمة وصفه بذلك مع أنه