والشيعة الإمامية الإثنا عشرية الموجودون الآن في إيران وفي المدينة وفي المنطقة الشرقية يرون أن المهدي سيظهر، ولكن لا يقولون كما يقول أهل السنة: إن اسمه محمد بن عبد الله الفاطمي الحسني العلوي كما بينا، إنما يقولون: إنه من ذرية الحسين لا من ذرية الحسن، كما أنهم يقولون: إنه موجود الآن في سرداب في (سُر من رأى) المدينة التي بناها المعتصم، واسمه محمد بن الحسن العسكري، وهو آخر الأئمة الإثني عشرية الذين تؤمن بهم الشيعة.
ومعلوم قطعاً أن هؤلاء الأئمة الذين تؤمن الشيعة بعصمتهم لا يقترفون ذنباً لتعلق الشيعة خطأً بهم، فالنصارى عبدت عيسى ابن مريم، وقالوا: إنه ثالث ثلاثة، ولكن هذا لا يقدح في عيسى ابن مريم، فعيسى ابن مريم نبي رسول الله أثنى عليه في القرآن بقوله: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ} [النساء:171]، وقال: {إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللهِ كَمَثَلِ آدَمَ} [آل عمران:59] فهو نبي من أولي العزم من الرسل له مكانة، فنحن نؤمن به كما يؤمن به النصارى، ولكن نؤمن به نبياً، أما النصارى فيؤمنون به إلهاً أو ابناً لله، والذي يعنينا أن غلو النصارى في عيسى لا يغير من عيسى شيئاً، وكذلك غلو الشيعة في الأئمة الإثني عشرية لا يغير في الأئمة شيئاً، فأولئك من ذرية النبي صلى الله عليه وسلم ولهم مقام جليل في الدين، فهم يُبدءون بـ علي، وعلي صحابي، ويُثَنُون بـ الحسن والحسين، والحسن والحسين يقول فيهما النبي صلى الله عليه وسلم: (سيداً شباب أهل الجنة)، ويربعون بـ علي زين العابدين، وهذا من أعظم الصالحين في عصره، وهو الذي قال فيه الفرزدق: هذا الذي تعرف البطحاء وطأته والبيت يعرفه والحل والحرم هذا ابن خير عباد الله كلهم هذا التقي النقي الطاهر العلم ويخمسون بـ جعفر ابنه، وجعفر إمام معروف، ولكن غلو الشيعة فيه حرم الناس من علمه، وإلا فإن أبا حنيفة رضي الله عنه أدركه وأخذ عنه العلم، ويسدسون بـ محمد الباقر، وسمي الباقر على وزن (فاعل) من بقر، أي: يبقر العلم ويشقه شقاً، فكان إماماً في العلم، ولكن غلو الشيعة فيه أضاع علمه.
والذي يعنينا أن الأئمة حقاً أكثرهم صالحون من ذرية رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكن غلا هؤلاء فيهم وقالوا بعصمتهم، والعصمة لا تثبت إلا للأنبياء والرسل فقط، يقول الخميني في كتاب له اسمه (الحكومة الإسلامية): وإن من أصول مذهبنا أن لأئمتنا منزلة لا ينالها ملك مقرب ولا نبي مرسل.
ويقول عنهم بأن لهم من الخصائص ما تخضع به لهم جميع ذرات الكون، ويعطى هذا لـ فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم أحياناً، فهذا القول في الأئمة مردود، فقوله في حق رجل من آل بيت رسول الله: إنه تخضع له جميع ذرات الكون، وإن له منزلة لا ينالها ملك مقرب ولا نبي مرسل باطل.
فيُرد قوله ويبقى إجلالنا لآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو دون أن نخلط بين الموقفين.