استغلوا سذاجة من حولهم من الأعراب؛ لينفردوا بالحرمة والتقديس فيأمنوا بعدها على تجارتهم, ويستفيدوا من هذا التمويه ثراء وبسطة عيش. فلما جاء الإسلام دكت الامتيازات كلها جملة واحدة, ونزل قول الله لقريش:
{ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفَاضَ النَّاسُ} 1 كما نزل قوله تعالى في نسخ إتيان البيوت من ظهورها: {وَلَيْسَ الْبِرُّ بِأَنْ تَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ ظُهُورِهَا وَلَكِنَّ الْبِرَّ مَنِ اتَّقَى وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} 2, فشعائر الدين بعد هذه الآية يذعن لها الناس جميعا بلا تمييز.
واستوى في الحج القرشي وغيره بعد أن كانت قريش تنفرد دون جميع الحجاج إذا خرجوا من مكة يوم التروية وترووا من الماء, فتنزل الحمس أطراف الحرم من نمرة يوم عرفة، وتنزل الحلة عرفة. وقد أجمع أصحاب السير أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقف مع الناس بعرفة في سنته التي دعا فيها قبل الهجرة ولم يقف مع الحمس في طرف الحرم, فكان هذا مما جلب نظر الناس. وروى ابن هشام عن جبير3 بن