فقال: "ليسوا بذلك، إنهم ملكوا كثيرا من الأرض، ووجدوا عظيما من الملك, وغلبوا على كثير من الخلق، ولبث فيهم عقد الأمر، فما استنبطوا شيئا بعقولهم ولا ابتدعوا باقي حكم في نفوسهم".

قلنا: "فالروم".

قال: "أصحاب صنعة ... ".

قلنا: "فالصين".

قال: "أصحاب طُرْفة".

قلنا: "فالهند".

قال: "أصحاب فلسفة".

قلنا: "فالسودان".

قال: "شر خلق الله".

قلنا: "فالترك".

قال: "كلاب مختلسة".

قلنا: "فالخزر".

قال: "بقر سائمة".

قلنا: "فقل".

قال: "العرب" فضحكنا.

فقال: "أما إني ما أردت موافقتكم، ولكن إذ فاتني حظي من النسبة فلا يفوتني حظي من المعرفة. إن العرب حكمت على غير مثال مثّل لها ولا آثار أثرت، أصحاب إبل وغنم وسكان شعر وأدم. يجود أحدهم بقوته، ويتفضّل بمجهوده، ويشارك في ميسوره ومعسوره، ويصف الشيء بعقله فيكون قدوة، ويفعله فيصير حجة، ويحسّن ما شاء فيحسن، ويقبّح ما شاء فيقبح. أدبتهم أنفسهم ورفعتهم هممهم, وأعلتهم قلوبهم وألسنتهم. فلم يزل حباء الله فيهم، وحباؤهم في أنفسهم حتى رفع لهم الفخر، وبلغ بهم أشرف الذكر، وختم لهم بملكهم الدنيا على الدهر، وافتتح دينه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015