وخلافته بهم إلى الحشر، الخير فيهم ولهم. قال سبحانه:
{إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} 1.
فمن وضع حقهم خسر، ومن أنكر فضلهم خُصم، ومن دفع الحق باللسان أكبت للجنان".
19- إعلان مجلجل:
وإليك بعد أن استمتعت بعلم ابن المقفع وأدبه، صراعا يخيل إليك إذ تقرؤه أنه كان في الأولمبياد، لأحد أبطال يونان، أو أنه جرى على غرار ما يجري في بلاد الإسبان، على يد مصارعي الثيران، بطله فارس عربي شجاع شاعر شديد البأس والبطش، على خلاف ما تعهد في الشعراء. هو هلال بن الأسعر أحد الجبّارين العمالقة الضخام، كأنه من قوم عاد. كان هلال هذا أعظم الناس غناء في حرب، يرد مع الإبل فيأكل كل ما وجد عند أهله ثم يرجع لا يذوق فيما بين ذلك طعاما ولا شرابا. عُمِّر طويلا ومات بعد بلايا عظام مرت على رأسه.
كان يوما في إبل له وذلك عند الظهيرة في يوم شديد وقع الشمس، محتدم الهاجرة، وقد عمد إلى عصاه فطرح عليها كساءه ثم أدخل رأسه تحت كسائه من الشمس، فبينما هو كذلك إذ مر به رجلان: أحدهما من بني نهشل والثاني من بني فقيم، كانا أشد تميميين في ذلك الزمان بطشا، يقال لأحدهما: الهيّاج، وقد أقبلا من البحرين ومعهما أنواط2 من تمر هجر، وكان هلال بناحية الصعاب، فلما انتهيا إلى الإبل، ولا يعرفان هلالا بوجهه