ويظهر أن هذا الجزاء كان شديدا قد بلغ من نفسي الشاعرين مبلغا، حتى إن الفرزدق بعدها خنع وتملق فقال:

أحارثُ داري مرتين هدمتَها ... وكنتَ ابن أخت لا تُخاف غوائلُهْ

وأنت امرؤ بطحاء مكة لم يزل ... بها منكم معطي الجزيل وفاعله

فقلنا له: لا تشمتن عدونا ... ولا تنس من أصحابنا من نواصله

فقبلك ما أعييتُ كاسر عينه ... زيادا فلم تقدر علي حبائله

فأقسمت لا آتيه سبعين حجة ... ولو نشرت عين القباع وكاهله

وقال جرير في ذلك:

أحارثُ خذ من شئت منا ومنهمُ ... ودعنا نقسْ مجدا تعد فواضله

فما في كتاب الله تهديم دورنا ... بتهديم ماخور خبيث مداخله

5- هجاء إبليس:

كان الفرزدق قد أكثر من هجاء "باهلة" حتى عيّت هذه القبيلة بأمرها, وكان مما قال فيهم:

أباهلُ لو أن الأنام تنافروا ... على: أيهم شر قديما وألأم

لفاز لكم سهما لئيم عليهم ... ولو كانت العجلان فيهم وجرهم

وقال أيضا:

ألا كيف البقاء لباهلي ... هوى بين الفرزدق والجحيم

ألست إذا نسبت لباهلي ... بألأم من تركّض في المشيم1

وهل يسطيع أبكم باهلي ... زحام الهاديات من القروم2

فلا يأت المساجد باهلي ... وكيف صلاة مرجوس رجيم ... إلخ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015