وكان هاشم يأخذ الإيلاف من رؤساء القبائل ورؤساء العشائر لخصلتين: "إحداهما: أن ذؤبان العرب وصعاليك الأعراب وأصحاب الغارات وطلاب الطوائل كانوا لا يؤمنون على أهل الحرم ولا غيرهم، والخصلة الأخرى: أن أناسا من العرب كانوا لا يرون للحرم حرمة ولا للشهر الحرام قدرا كبني طيء وخثعم وقضاعة, وسائر العرب يحجون البيت ويدينون بالحرمة له ... فكان الإيلاف صلاحا للفريقين, إذ كان المقيم رابحا والمسافر محفوظا, فأخصبت قريش وأتاها خير الشام واليمن والحبشة, وحسنت حالها وطاب عيشها".

وقول الله: {أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} يعني: الضيق الذي كان فيه أهل مكة قبل أن يأخذ هاشم لهم الإيلاف، والخوف الذي كانوا عليه ممن يمرون به من القبائل والأعداء وهم مغتربون ومعهم الأموال, وهو قوله عز ذكره: {تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ} 1 يعني: في تلك الأسفار ولم يرد ذلك وهم مقيمون في حرمهم وأمنهم؛ لأن الله يقول: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا} 2 مع قوله: {وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} 3 وقوله: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ} 4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015