ثم قال رحمه الله تعالى: (وإن جعله أحدهما ليرجع إليه لم يجز) يعني كما في الفقه قال: أما الجُعل الذي يخرجه أحد المتسابقين دون الآخر كأن يعين أحد المتسابقين مالاً أو غيره ليأخذه الآخر إن سبق ولم يعين شيئًا فإن سبق الذي لم يعين شيئًا حل له أخذ الجُعل، وإن سبق مخرج الجُعل فلا يحل له أخذ ماله الذي أخرجه بل يأخذه الحاضرون. وقال ابن جزي: لا يعود إليه ويأخذه من سبق سواه أو من حضر اهـ.
قال رحمه الله تعالى: (وإن جعلاه وبينهما محلل لا يأمنان سبقه ليُحرزهما إن سبق جاز وإلا فلا يجوز) يعني كما قال الجزيري: أما إذا أخرج كل واحد منهما مالاً معينًا يأخذه الثاني إذا سبق فإنه لا يصح؛ لأنه يكون قمارًا في هذه الحالة. وإذا أخرج كل من المتسابقين مالاً ليأخذه السابق وكان معهما ثالث لم يخرج شيئًا فلا يخلو إما أن تكون فرسه معلومة وأنه يسبق الاثنين اللذين أخرجا الرهان أو لم تكن معلومة ولم يمكن سبقهما، فإن كان الأول فلا يصح له أخذ الرهان لحديث: ((من أدخل فرسًا بين فرسين وهو يعلم أنه يسبقهما فهو قمار))، وإن كان الثاني أي بأن كان لا يمكن سبقهما فصار الثالث مسبوقًا وأصبح السابق أحد الاثنين اللذين أخرجا الجُعل فلا يحل للسابق أن يأخذ المال المجعول لا من صاحبه ولا من الثالث، ومفهوم كون الثالث لم يخرج شيئًا، أنه لو أخرج معهما لكانت الصورة ممنوعة اتفاقًا، وأما إن لم يخرج من عنده شيء جاز له أخذ ما جعله إن سبق. وبقيت الصورة الممنوعة وهي إذا تسابقا على أن المسبوق يعطي للسابق جُعلاً فلا يجوز اهـ بتوضيح. وفي عبارة لابن جزي. فإنه وضَّح وبين في قوانينه قال: المسابقة في الخيل جائزة، وقيل: مرغب فيها فإن كانت بغير عِوض جازت مطلقًا في الخيل وغيره من الدواب والسفن وبين الطير لإيصال الخبر بسرعة، ويجوز على الأقدام وفي رمي الأحجار والمصارعة، وإن كانت بعوض وهو الرهان فلها ثلاث صور: