والأمور النافعة انتقل يتكلم على ما يتعلق بالمسابقة، لكن لو وضع هذا الفصل عقب الجهاد في سبيل الله لكان أحسن كما فعل غيره من المصنفين؛ لأن مراد الشارع بالأمر بالمسابقة تمرين وتعليم للجهاد كما هو معلوم ضروري والله أعلم بمراد المصنف رحمه الله تعالى في وضعه هذا الفصل وجعله في آخر كتابه بقوله:
فَصْلٌ
في المسابقة
أي في بيان ما يتعلق بالمسابقة وأحكامها، فهي لغة: مشتقة من السبق بسكون الباء مصدر سبق إذا تقدم وبفتحها: المال الذي يجعل بين أهل السباق، وهي المفاعلة من الجانبين باعتباره إرادة كل منهما السبق. وحكمها الجواز كما سيأتي على التفصيل وإليها أشار رحمه الله تعالى بقوله: (تجوز المسابقة في الخُف والحافر على جُعْل) يعني أن المسابقة جائزة في الإبل والخيل على ما يجعله المتبرع مثل أن يخرج الإمام أو غيره الجُعْل فيجعله لمن سبق من المتسابقين، فهذه
الصورة مما لا اختلاف فيها بين أهل العلم كما يأتي البيان عند ذكر بقية الصور. قال النفراوي: واعلم أن المسابقة إن وقعت بغير جُعْل تجوز بالمذكورات وغيرها من نحو الحمير والطير والسفن والرمي بالحجارة إذا وقعت لغرض صحيح؛ قال خليل: وجاز فيما عداه مجانًا، وأما بالجعل فإنما يجوز في الخيل والإبل وبينهما والسهم، بشرط أن يكون الجُعل مما يصح بيعه، وتعيين المبدأ والغاية والمركوب وتعيين فرس كل وجهل كل سَبَق فَرَسِه. وإنما الشرط ألا يعلم أحدهما بسبق فرسه، ولا يشترط معرفة الراكب عليهما من كونه جسيمًا أو لطيفًا، وإنما يُشترط بلوغهما. ومثل تعيين المبدأ والغاية بالفعل جرى العُرْف بشيء معين، وإنما اشترط ما ذكر فيها مع الجُعْل؛ لأنها من العقود اللازمة كالإجارة. ويشترط في الرمي تعيين عدد الإصابة ونوعها من خرق أو غيره بخلاف السهم فإنه لا يشترط تعيينه ولا تعيين الوتر ولا موضع