فلا يجوز أكل الحشرات الضارة قولاً واحدًا، أما إذا اعتاد قوم أكلها ولم تضرهم وقبلتها أنفسهم فالمشهور عندهم أنها لا تحرم اهـ. انظر قول المالكية في الفقه إن شئت والله أعلم. وأما الجراد فالمعروف أنها تؤكل بما تموت به من قطع الرأس والرجلين والأجنحة وغير ذلك مما تموت به كما في المدونة وغيرها من
كُتب المذهب. مما لا خلاف فيه بين أهل المذهب. وقد بسطنا الكلام في الجراد وجلبنا النصوص عند قول المصنف: (والظاهر أنه لا تُؤكَل ميتة الجراد ودود الطعام منفردًا عنه) فراجع كتاب الأطعمة والأشربة إن شئت. وأما النمل والنحل وغيرهما فقد ورد عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى عن قتل أربع من الدواب: (النملة والنحلة والهدهد والصرد): قال شارح الحديث في غاية المأمول: أما النحلة فإن كانت نحلة العسل فلكثرة فائدتها. وأما النملة والهدهد فلسر علمه الشارع؛ لأن خلقهما لا يخلو من فائدة؛ قال تعالى: {وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين} [الأنبياء: 16] فلا يجوز قتل النمل ولا فرق بين صغيرة وكبيرة إلا إذا كثر وصار ضارًا فلا بأس من قتله. والصرف بضم ففتح طائر كبير الرأس يصطاد العصافير وهو أول طائر صام لله تعالى اهـ. وللبيهقي: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل الخطاطيف. وله أيضًا: نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن أكل الرخمة. قلت: قد علمت أن مذهب السادة المالكية لم يحرم شيئًا من الطيور حتى الجلالة إلا الوطواط فإنه مكروه. قال المواق من المدونة: لا بأس بأكل الضفادع وإن ماتت؛ لأنها من صيد الماء وقد تقدم ولو طالت حياته ببر. وقال ابن القاسم في الطير: ولم يكره مالك أكل شيء من الطير كله الرخام والعقبان والنسور والأحدية والغربان وجميع سباع الطير وغير سباعها ما أكل الجيف منها وما لم يأكلها، ولا بأس بأكل الهدهد والخطاف اهـ كما تقدم.
ولما أنهى الكلام على ما احتوى عليه كتاب الجامع من الأشياء الكثيرة المتنوعة