والأرضين؛ لقوله سبحانه وتعالى في سورة الإسراء: {تسبح له السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليمًا غفورًا} [الإسراء: 44] وكان نبي الله داود عليه السلام كثير الذكر والتسبيح، وتسبح معه الجبال والوحوش والطير وغيرها صباحًا ومساء، قال تعالى: {إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والإشراق} [ص: 38] الآيتين، وفي كتاب الزاهر لأبي عبد الله القرطبي: أن داود عليه السلام قال: لأسبحن الله الليلة تسبيحًا ما سبحه به أحد من خلقه فنادته ضفدعة من ساقية في داره: يا داود تفتخر على الله بتسبيحك وإن لي لسبعين سنة ما جف لساني من ذكر الله تعالى، وإن لي لعشر ليال ما طعمت خضرًا ولا شربت ماء اشتغالاً بكلمتين، فقال: ما هما؟ قالت: يا مسبحًا بكل لسان ومذكورًا بكل مكان، فقال داود في نفسه: وما عسى أن أقول أبلغ من هذا اهـ. وفي رواية البيهقي في شعبه عن أنس بن مالك أنه قال: إن نبي الله داود عليه السلام ظن في نفسه أن أحدًا لم يمدح خالقه بأفضل مما مدحه به فأنزل الله عليه ملكًا وهو قاعد في محرابه والبركة إلى جنبه فقال: يا داود افهم ما تصوت به هذه الضفدعة فأنصت إليها فإذا هي تقول: سبحانك وبحمدك منتهى علمك، فقال له الملك: كيف ترى؟ فقال: والذي جعلني نبيًا إني لم أمدحه بهذا اهـ. وروى ابن عدي حديثًا عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تقتلوا الضفادع فإن نقيقها تسبيح)) قاله البيهقي اهـ. ولذلك نهي النبي عن قتلها. وأما حكم أكلها فالمشهور في مذهب المالكية الجواز. قال النفراوي ومثله في العدوي على الرسالة: ومن أراد أكلها فله أكلها بالذكاة إن كانت برية. ومفهومه: أما إن كانت بحرية فلا يحتاج إلى الذكاة بل بما تموت به كخشاش الأرض وجميع البحري. قال الدردير في أقرب المسالك عاطفًا على المباح: والبري وإن ميتًا أو كلبًا أو خنزيرًا كما مر في الجزء الأول، فظهر لك أن أكل الضفادع جائز بشرط عدم الضرر. قال العلامة عبد الرحمن الجزيري في الفقه في قول المالكية: لا نزاع عندهم في تحريم كل ما يضر،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015