ليعتبر بها المعتبرون في وفاء الوصايا وقضاء الديون عن الأموات ولا يجوز لوارث أن يرث مال مورثه إلا بعد قضاء دينه ووصيته، قال الله تعالى: {من بعد وصية يوصى بها أو دين} [النساء: 12].
(قال عبد الله بن الزبير) رضي الله عنهما: لما وقف الزبير يوم الجمل دعاني فقمت إلى جنبه فقال يا بني: إنه لا يقتل اليوم إلا ظالم أو مظلوم، وإني لأراني سأقتل اليوم مظلومًا، وإن من أكبر همي لديني، أفترى ديننا يبقى من مالنا شيئًا، ثم قال: يا بني بع ما لنا واقض ديني، وأوصى بالثلث وثلثه لبنيه يعني لبني عبد الله، فجعل يوصيني بدينه ويقول: إن عجزت عن شيء منه فاستعن بمولاي، فوالله ما دريت ما أراد حتى قلت: يا أبت من مولاك؟ قال: الله، فوالله ما وقعت في كربة من دينه إلا قلت: يا مولى الزبير اقض دينه فيقضيه، فقتل الزبير ولم يدع دينارًا ولا درهمًا إلا أرضين، منها الغابة وإحدى عشرة دارًا بالمدينة وداران بالبصرة ودار بالكوفة ودار بمصر، وإنما كان دينه الذي كان عليه أن الرجل كان يأتيه بالمال
فيستودعه إياه فيقول الزبير: ل، ولكن هو سلف إني أخشى عليه الضيعة، وما ولي إمارة قط ولا جباية ولا خراجًا ولا شيئًا إلا أن يكون في غزو مع النبي صلى الله عليه وسلم أو مع أبي بكر وعمر وعثمان، فحسبت ما كان عليه من الدين فوجدته ألفي ألف ومائتي ألف، فلقيني حكيم بن حزام، فقال: يا ابن أخي كم على أخي من الدين؟ فكتمته وقلت: مائة ألف، فقال: والله ما أرى أموالكم تسع هذا، فقلت: أرأيتك إن كان ألفي ألف ومائتي ألف؟ قال: ما أراكم تطيقون هذا، فإن عجزتم عن شيء فاستعينوا بي، وكان الزبير قد اشترى الغابة بسبعين ومائة ألف، فباعها عبد الله بألفي ألف وستمائة ألف، فقال: من كان له على الزبير شيء فليوافنا بالغابة، فأتاه عبد الله بن جعفر وكان له على الزبير أربعمائة ألف، فقال: إن شئتم تركتها لكم، قال عبد الله: لا، قال: وإن شئتم جعلتموها فيما تؤخرون إن أخرتم، فقال عبد الله: لا،