قال رحمه الله تعالى: (وقوله: فلان وصيي تفويض فيملك أن يوصي إلا أن يمنع وقبوله بعد الموت يمنع الرجوع إلا لعجز أو عذر ظاهر)، يعني إذا قال المريض: فلان وصيي فيحتمل قوله ذلك أن فلانًا وصيه مفوض، فيملك جميع ما تناولته الوصية المفوضة، فيملك أن يوصي على غيره عند الحاجة، ولأن وصي
الوصي كالوصي في تنفيذ ما أوصي به، إلا ما يمنعه الموصي أو اختص وصيته بشيء مخصوص فيقتصر على ما يوصي عليه فقط، كما إذا استثنى عليه بعض الأشياء كما يفهم ذلك في حالة الوصايا. وقبوله الوصية بعد موت الموصي يمنع الوصي الرجوع عن الوصية إلا لعجز عن ذلك أو عذر ظاهر كالمرض والهرم وغيرهما.
قال رحمه الله تعالى: (وتبطل بالرجوع وموت الموصى له أو رده وتلف الموصى به والله أعلم)، يعني تبطل الوصية بالرجوع عنها وبموت الموصى له أو رده الوصية أو تلفها قبل الموصول إليه كالهبة. انظر قوله: وله الرجوع في أول الكتاب، فهناك بيان مبطلات الوصية، والله سبحانه وتعالى أعلم.
فرع: قال الحطاب نقلاً عن التوضيح: وقبول الموصى له للوصية شرط في وجوبها له؛ لأنها أحد أنواع العطايا فاشترط فيها القبول كالهبة وغيرها. قال: وظاهره إذا مات الموصى له قبل قبول الوصية لم يكن لورثته قبولها، وهو خلاف مذهب المدونة. وقال في الجواهر: إن مات الموصى له بعد الموصي لا ينتقل حق القبول للوارث، قاله الشيخ أبو بكر الأبهري. وقال القاضي أبو محمد: ينتقل اهـ. وما قاله هو مذهب المدونة قال في الوصايا الأول. وإذا مات الموصى له بعد موت الموصي فالوصية لورثة الموصى له علم بها أم لا، ولهم أن يقبلوها كشفعة له أو خيار في بيع ورثوه. اهـ. ونحوه في الوصايا الثاني، خلافًا لما قاله الأبهري، فراجع الحطاب إن شئت.
ولنختم: كتاب الوصايا بوصية مشهورة وهي وصية صحابي جليل (الزبير بن العوام) التي أوصى بها ابنه عبد الله في قضاء دينه الذي عليه،