قال رحمه الله تعالى: (ولواحد بمائة وآخر بخمسين والثالث بمثل أحدهما سهمًا قيل: مثل نصفيهما وقيل: أكثرهما، وأشهب أقلهما)، يعني إن أوصى الميت لثلاثة أشخاص: الأول بمائة والثاني بخمسين والثالث بمثل أحد الأولين فإنه يعطى سهمًا واحدًا، وقيل: يعطى مثل نصفيهما، وقيل: يعطى أكثر مما أعطاهما. وقال أشهب: يعطى أقل مما أعطاهما، قلت: العلم بالنقل لا بالعقل ولولا ذلك لقلنا: يعطى الثلث مائة أو الخمسين ولكن الرجوع إلى ما قاله الأئمة أولى؛ لأنهم أدرى بذلك ولم أقف في المسألة على نص فتأمل: (وفي ضيق الثلث يبدأ بالآكد فيقدم مدبر الصحة على معتق المرض والمبتل فيه على الموصى بعتقه والمعين على المطلق والزكاة على الكفارة)، يعني قد بين رحمه الله في هذه الجملة مراتب الوصايا، وتقدمت لنا هذه المسألة مما نقلناه من المختصر عند قول مصنفنا: والحج والزكاة كغيرهما، فراجعه إن شئت.
ثم قال رحمه الله تعالى: (وتصح من الصحيح والمريض والسفيه المحجور عليه والمميز ولمجنون في حال إفاقته وإلى العبد والمرأة لا الفاسق وبماله إلى واحد وولده إلى آخر فإن شرط اجتماعهما لم تجز مخالفته والإطلاق يقتضيه)، يعني تصح الوصية من الصحيح والمريض والسفيه والصغير المميز المحجورين والمجنون في حال إفاقته. قال في المدونة: تجوز وصية ابن عشر سنين وأقل مما يقاربها. وروى ابن وهب أن أبان بن عثمان أجاز وصية جارية بنت ثماني سنين أو تسع. قال خليل: صح إيصاء حر مميز مالك، وإن سفيهًا أو صغيرًا كما تقدم في أول الكتاب. وتصح الوصية إلى العبد والمرأة وغلى رجل واحد وولد الموصي إلى رجل آخر ما لم يشترط اجتماعهما، فإن شرط ذلك وجب على الوصي اجتماعهما ولم تجز مخالفة الموصي في ذلك، كما أن إطلاق الموصي يقتضي ذلك على الوصي ولو لم يشترط ما لم يمنع. اهـ. بمعناه.