يريد أداء واجبه بأمانة وصدق والذي يقدر إنصاف الناس له واحتفاءهم بما يقول.
9 - الإيجاز أعون على تثبيت الحقائق، وجمع المشاعر والأفكار حول ما يراد به من تعاليم.
فإِن الكلام الكثير ينسي بعضه بعضا، وقد تضيع أهم أهدافه في زحام الإفاضة، ألا ترى أن الأرض تحتاج إِلى قدر محدد من البذور كيما تنبت، فإذا كثر النبات بها تخللها الفلاح باجتثاث الزائد حتى يعطي البقية فرصة النماء والإِثمار.
كذلك النفس البشرية لا تزكو فيها المعاني إِلا إذا أمكن تحديدها وتقويمها، أما مع كثرة الكلام وبعثرة الحقائق فإِن السامع يتحول إِلى إِناء مغلق تسيل من حوله الكلمات مهما بلغت نفاستها.
وللإِطناب الممل أسباب معروفة منها سوء التحضير، فإن الخطيب الذي يلقى الناس بالجزاف من الأحكام والتوجيهات لا يدري بالضبط أين بلغ بقوله، وهل وصل إِلى حد الإِقناع أم لا فيحمله ذلك على التكرار والإِطالة. . وما يزداد من الجمهور إِلا بعدا.
وقد تنشأ الإِطالة عن سوء التقدير للوقت والموقف فيظن الخطيب أن بحسبه أن يقول ما عنده وعلى الناس أن ينصتوا طوعاً وكرهاً - وهذا خطأ - ومما يحكى في قيمة الإيجاز أن أحد الرؤساء طُلب منه إلقاء خطبة في بضع دقائق فقال: (أمهلوني أسبوعاً) فقيل له: نريدها في ربع ساعة فقال: (أستطيع بعد